رسالة إلى ملك معزول

رسالة إلى ملك معزول

09 ابريل 2020
+ الخط -
حفيدي الغالي:
أصرَّ أبوك أن يسمّيك باسمي، نصحتُه بأن يسمّيك اسماً جديداً، كي يبثَّ لحناً جديداً بين أسماء العائلة، وهديته إلى اسم آدم، فنحن نعيش في أوروبا، وما زال اسماً جامعاً بين المسلمين والمسيحيين، وكان اسماً لرئيس أميركي، وقد تذكّر ملوك غربيون آدم بعد كورونا، فأباحوا لبعض المدن إعلان الأذان في المساجد، وكانت الأسماء شبهة في الوطن. لسنا أسرةً ملكية مثل أسرة لويس الفرنسية، وكان لويس السادس عشر آخر ملوكهم الذي أعدمَتْه الثورة، أو محمد السادس بن الحسن الثاني ملك المغرب، وهو الملك الثالث والعشرون في السلالة العلوية، وعبد الرحمن الثالث، وهو الناصر في الأندلس. فقال أبوك: نحن ملوك أيضاً، نبلاء لأننا لم نظلم سوى أنفسنا، وأصرّ على اسمي حبُّاً ووصلاً وتأصيلاً، فإن هرب النازح باسم مولوده إلى اسم محايد، فأين سيهرب من النسب والكنية؟ وقال: الاسم في الغرب مجرّد علامة وهو عندنا كرامة.
وكان أصحاب أبيك يكنّونه باسمي، ففرحت بك ولياً للعهد، وصرت أناديك كأنما أنادي نفسي، وأحملك في حضني كما كنت أحمل أباك صغيراً، وكانت نزهاتنا القصيرة في الحدائق من أمتع اللحظات في حياتي، وتمنيت أن تخلّد. وكنت أحتار، هل أعلّمك المشي أم أتمتع بحملك في حضني؟ تقول الأمثال: ليس أحبَّ من الولد سوى ولد الولد، إلى أن دهمنا الوباء العجيب، ولا أخفيك أني كنت أنتظر شيئاً ما، وكانت الدنيا قد فسدت، وتعطلت سنن الحياة، وتولى شؤوننا السفهاء؛ في مصر وسورية والإمارات والسعودية وأميركا وروسيا، وكانت الإمارات قد اشترت أرضاً على كوكب المريخ، بعد أن رعت الانقلابات في أربع دول عربية، وتطمع في خامسة، ثم رأينا أهل الأرض وكأنهم على كوكب المريخ، يضعون الكمّامات، وكانوا قد فقدوا حاسّة البصر أو كادوا، بمداومتهم النظر في هواتفهم، وحاسّة السمع بسماع الأغنيات، ثم فقدوا حاستي الشمِّ والذوق بالكمامة، فهم يمرّون بأصحابهم وأهلهم، ويكتفون بتلويح الغرباء للغرباء، وهم محرومون من الحاسّة الخامسة: اللمس.
نُصبت متاريس في السوبر ماركت أمام المحاسب، وظهرت الحواجز الطيّارة التي بدأها النظام السوري، وكانوا يطلقون في الغرب على القتلة السفاحين، سفاح كذا، فلعل كورونا هو سفاح النظام العالمي الجديد. ذكر ناشطون أن الكوكب ارتاح من أذى الإنسان بضعة أيام بعد أن خرست المصانع، فإن سكت عن إيذاء السماء وكفَّ عن ثقب الأوزون، فقد سقى الأرض أطناناً من سموم مواد الغسل والتعقيم الكيميائية.
كان النظام العالمي الأول قد مكر وأفسد؛ أكل شعب الصين الخفافيش والصراصير التي لو قدّمتْ للكلاب لأنفت من أكلها، وشربتْ أميركا من دماء الشعوب، وتمتّع العالم بمجازر يومية في سورية، وفي مصر ارتكبت جريمة إبادة جماعية للنساء والأطفال، وزار ملوك العالم رئيسها الروبيضة، ونُصّبَ بطلاً لمكافحة الإرهاب، وزاره رئيس الفاتيكان، وكنا نرجو ألا يفعلها، وتحوّل العالم إلى مهرجان للأكاذيب، وضجرت الأمم المتحدة من إحصاء ضحايا الثورة السورية، وأكاذيب ترامب والسيسي، إلى أن رأينا المراقص في مدائن أصحاب الحِجْر، فوقعنا في الحِجْر.
مصر هي أم العرب، ورئيسها يكذب في الشهيق كذبة وفي الزفير كذبتين، سكتَ عن نهبِ النيل، وسرقة الأهرامات، وسُرق الشعب المصري والشعب السوري والشعوب العربية، حتى برز الفيروس العظيم الذي حوّل كبرى العواصم إلى مدن أشباح، أو أشباح مدن. واستغثنا بالله من العالم الذي صار جهازا معطلا في جيب ترامب، فجاء الفيروس المنتظر من أجل "الفرمتة" والتهيئة، وقد فترتْ صفقة القرن وانكفأ "قرن الشيطان".
أترك لك هذه الرسالة بخط الثلث الجليل، سيِّد فنون الشرق والغرب، وأرجو أن تتذكّر جدك بأطيب الذكر وأكرمه، وألا تتهمني بالفرار من المعركة، فثلث البطولة خط الثلث، وثلثاها الباقيان الهرب من الظالمين.
أحمد أو آدم كلاهما ولادة جديدة ونشأة أخرى.
683A43FF-D735-4EBA-B187-3AC9E42FAE32
أحمد عمر

كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."