فرق الموت الإيرانية في العراق

فرق الموت الإيرانية في العراق

31 يناير 2020
+ الخط -
هناك قناعة في أوساط عراقية بأن إيران تقف وراء كل عمليات القتل التي تعرّضت لها شخصيات عراقية وازنة منذ احتلال العراق عام 2003. وهذه العمليات ليست ذات طابع ثأري أو محدودة، بل هي منهجية، وشملت مئات الكوادر العسكرية والعلمية والحزبية المعروفة بعدائها لإيران. وفي الثاني والعشرين من شهر يناير/ كانون الثاني الحالي، كشف موقع "ديلي بيست" الأميركي أن الجنرال في الحرس الثوري الايراني، أحمد فورزنده، قاد عمليات تجسّس وتسليح واغتيال لمصلحة القائد السابق لفيلق القدس، قاسم سليماني، الذي اغتالته الولايات المتحدة أخيرا قرب مطار بغداد. وقال الموقع إن الجنرالين، سليماني وفورزنده، نفذا عمليات إيران في العراق من خلال "فرقة الموت الذهبية" التي شكلاها لتعقب وقتل العراقيين الذين يعملون مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وطاردوا أولئك الذين يُعتبرون معادين للنفوذ الإيراني، وقاموا بتهريب الجواسيس والمال، والأسلحة إلى داخل العراق، حيث زرعوا الفوضى، بحسب الموقع.
وتقدّم الوثائق التي تم رفع السرّية عنها، وحصل عليها الموقع بموجب حرية المعلومات، تفاصيل جديدة، وتنقل عن العقيد دونالد بيكون، رئيس سابق للعمليات الخاصة والمعلومات الاستخباراتية للتحالف، أن "وحدة رمضان" الإيرانية هي المنظمة التي تقوم بعمليات العراق. وتابع: "إنهم الأشخاص الذين يهرّبون الأسلحة ويمولون ويساعدون في تنسيق متطرفي المليشيات العراقية في إيران لتدريبهم ومن ثم إعادتهم إلى العراق". وكان فورزنده قائد هذه الوحدة التي يعود تاريخها إلى الحرب العراقية الإيرانية، وعمل في قيادة الفجر ومقرّها في الأهواز في إيران، وهي التي تولت عمليات في البصرة وجنوب العراق.
وتوضح الوثائق الأميركية بالتفصيل العمليات التي استهدفت من خلالها "فرقة الموت الذهبية"، العراقيين الذين اعتبرتهم إيران "عقبات". وتكشف أن "الوحدة تتكوّن من قيادة المخابرات الإيرانية التي تقدّم التوجيه والتمويل للعراقيين الذين تم تجنيدهم من جيش المهدي، وفيلق بدر، وحزب الفضيلة، وأحزاب شيعية ومليشيات عراقية أخرى تقوم بعملية الاغتيال. العمليات ضد أعضاء حزب البعث السابقين، والعراقيين الذين يعملون مع قوات التحالف، والعراقيين الذين لا يدعمون النفوذ الإيراني في العراق". وتزعم الوثائق نفسها أن "معظم هؤلاء العراقيين المرخّص لهم باتخاذ القرارات بشأن المستهدفين بالاغتيال هم أعضاء في الحكومة العراقية وقوات الأمن".
وتأتي الوثائق لتؤكد دور الفرق المحلية، وأبرزها التي يتحدث عنها العراقيون بصوتٍ عالٍ هذه الأيام، وهي "عصائب أهل الحق" التي يديرها قيس الخزعلي، وهو إحدى أذرع إيران في العراق. وتسرّبت معلومات، بعد قتل سليماني بساعة، أن الولايات المتحدة اعتقلته بمعية هادي العامري الذي يتولى قيادة منظمة بدر التي يوجه لها العراقيون أصابع الاتهام بالاغتيالات والتفجيرات، وتبين أن خبر اعتقال هذين الشخصين عار عن الصحة. وفي حين اختفى الخزعلي كليا عن المشهد، وتروج أخبار أنه فرّ إلى طهران، مخافة أن تغتاله الولايات المتحدة، فإن العامري عاود الظهور على مسرح الأحداث.
وبرز دور فرق القتل المحلية في الانتفاضة الحالية. وينسب ناشطون أغلب عمليات القتل والمجازر التي ارتكبت في بغداد والجنوب، وراح ضحيتها أكثر من ألف قتيل وعدة آلاف من الجرحى، إلى هذه المليشيات العراقية الطائفية التي أسّستها إيران، والتي تتصرّف بوصفها قوة فوق القانون، وليس هناك من يحاسبها. وأخطر ما في عمل هذه المليشيات أنها باتت جزءا من الجيش العراقي بقانون سنّه البرلمان العراقي الذي وافق على اعتبار "الحشد الشعبي" من القوات النظامية، وظلت هذه المليشيات التي يتجاوز عديدها مائة ألف، تتلقى أوامرها من زعمائها، وليس من قيادة القوات المسلحة.
تقدّم الوثائق الأميركية أدلة للعراقيين بهدف تحريك دعاوى ضد إيران أمام الهيئات الدولية المتخصصة، من أجل العدالة لكل العراقيين الذين تعرّضوا للقتل والترهيب الإيرانيين. وتكشف مدى خطورة المشروع الإيراني في المنطقة.
1260BCD6-2D38-492A-AE27-67D63C5FC081
بشير البكر
شاعر وكاتب سوري من أسرة العربي الجديد