أونروا وصفقة القرن

أونروا وصفقة القرن

21 اغسطس 2019
+ الخط -
واجهت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أزمة مالية العام الحالي، لكنها أقل صعوبة من السنة الماضية، على الرغم من خسارة 350 مليون دولار أميركي من منحة الولايات المتحدة، حيث نجحت "أونروا" السنة الماضية بتعويض العجز بتبرع من بعض الدول.
42 دولة ومؤسسات من الاتحاد الأوروبي دعمت موازنة "أونروا" في عام 2019، فأضحت أفضل من العام الماضي، كما عملت "أونروا" على توفير 92 مليون دولار من مصاريف مناطق العمليات الخمس وبعض الأموال من موازنة نداء الطوارئ.
صحيح أن الوكالة الأممية نجحت في تخطي الأزمة، لكن ذلك كان على حساب تقليص عقود البطالة ووقف بدل الإيجار للعائلات المهدمة بيوتها في حرب 2014، وعلى حساب موظفين تم فصل عدد منهم وتحويل آخرين إلى الدوام الجزئي، حيث أبقت "أونروا" على الشواغر من موظفين متقاعدين، مع العلم أن القوى العاملة لدى "أونروا" لم تزدد.
يبدو أن إدارة الوكالة تشعر بالفخر لعدم اضطرارها لإغلاق مدارسها المزدحمة وعياداتها المكتظة أمام الطلاب والمرضى على الرغم من النقص في عدد القوى العاملة لديها، علما أن "أونروا" لا تزال بحاجة إلى 150 مليون دولار لاستمرار عملها إلى نهاية العام.
وستصبح الوكالة في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل على أبواب تجديد انتدابها من الأمم المتحدة لثلاث سنوات مقبلة، مع وجود هجمة شرسة من دول متعددة ضد عمل "أونروا" وخدماتها، وأهمها هجوم المبعوث الأميركي غرينبلات الذي هدد الوكالة في جلسة مجلس الأمن، واتهمها بأنها مؤسسة فيها خلل ويجب إنهاؤها، ما يفسر ربما الاتهامات المفاجئة لها بالفساد، الأمر والذي تبعه حجب دول أوروبية تمويلها الوكالة. وفي الحقيقة الهجمات غير موجهة إلى "أونروا" كمؤسسة من أهم المؤسسات الدولية التي ترعى اللاجئين فحسب، وإنما تستهدف قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل أساس، حيث تعيش "أونروا" تحت ضغط كبير بعد عمل "إسرائيل" لطردها من القدس.
ولكن، هل هناك ارتباط بين إقالة مدير المكتب التنفيذي للوكالة من منصبه، حكم شهوان، واتهامات الفساد التي طاولتها في أعقاب ذلك؟ قالت "أونروا" إن التحقيق ما زال جارياً ولم ينته، ولم يصل إلى خلاصة بعد.
يؤكد ما سبق أن الأزمة المالية التي تمر بها "أونروا" سياسية، وأن استهداف "أونروا" هو استهداف لقضية اللاجئين الفلسطينيين، فالوكالة جزء من القضية الفلسطينية، ويحرص الفلسطينيون على الحفاظ على استمراريتها، وتنتابهم المخاوف في أعقاب نجاح الاحتلال في طرد الوكالة من القدس.
ما يثير التساؤلات ربما عن مدى تمكن "أونروا" من تحويل موازنتها لتصبح جزءا من موازنة الأمم المتحدة، عوضا عن خضوعها للضغوط من الدول التي تتبرع لها بالمنح المالية كل عام، وهو الأمر الذي لا تمل جميع الجهات والمؤسسات المعنية بقضية اللاجئين الفلسطينيين من الدعوة إليه.
إذا تم تجديد انتداب "أونروا" لثلاث سنوات مقبلة، فهذا يعني أنه سيتم توفير الموازنة اللازمة لعملها، وهو جهد مقدر للوكالة في تغطية العجز.
ويذكر أن موازنة الأمم المتحدة تبلغ نحو ستة مليارات دولار، تصرف منها على الأمن والغذاء وملفات أخرى ومنها ملف "أونروا". ومن غير المتوقع موافقة الأمم المتحدة على إدخال أونروا في موازنتها إلا بعد زيادة تبرع الدول الأعضاء بمبلغ ومقداره 2.2 مليار دولار. علما أن هذه الفكرة تم طرحها في عام 2017، لكنها قوبلت بالرفض، على الرغم من جهوزية الدول الأعضاء لدفع الموازنة الإضافية!
ويسود الاعتقاد على نطاق واسع أن "أونروا" لا تستطيع أن تتحكم في ميزانية الموظفين الدوليين أو توفير المبالغ منها قبلهم لأنهم يتبعون الأمم المتحدة مباشرة، وهذا يشمل أيضا المصاريف التشغيلية لهم، حيث إن موازنة الوكالة مبنية على المدخول وليس على الاحتياج.
جدير بالذكر أن اللجان الشعبية للاجئين الفلسطينيين تقوم بجهد مواز لدعم "أونروا" عبر تنظيم مؤتمرات شعبية في المخيمات الثمانية في قطاع غزة لتسمع العالم صوت اللاجئ ومعاناته ومطالبه وحقوقه. وذلك لا ينفي حاجة اللاجئين الفلسطينيين إلى تطمينات، وتوفير مسلتزمات المعيشة الحساسة والضرورية لهم، من بينها الصحة والتعليم والتدريب المهني، في ظل زيادة في نسبة البطالة.
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
عماد عفانة (فلسطين)
عماد عفانة (فلسطين)