"سأجعل من عدن قرية"

"سأجعل من عدن قرية"

26 يوليو 2019
+ الخط -
ما هذا الذي يحدث لعدن وفيها؟ منذ إعلان تحريرها من يد الحوثي، وهي في حيص وبيص من العبث، وليس أي عبث؟ بل عبث يستهدفها والحياة فيها، يذكرنا بالعبث التي عاشته الجمهورية العربية اليمنية، عندما كانت الحديقة الخلفية للسعودية، يديرها السفير السعودي والملحق العسكري.
ما تجرأت السعودية بالأمس والإمارات اليوم، إلا لأنها وجدت من ينحني، كما قال مارتن لوثر كينغ: "لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا كنت منحنياً". معضلتنا في كل المراحل هم المنحنون لمصالحهم، يبيعون أنفسهم لمثل مخططاتٍ كهذه، مقابل فتات ما يتركه لهم الطامعون من مساحة سلطة وهم صاغرون. وما عبث علي عبدالله صالح في الجنوب إلا بمثل هولاء، واليوم تعبث الإمارات بمثل هولاء. ذهب صالح إلى الجحيم وبقي هولاء يعبثون، وستذهب الإمارات، وسيبقى هولاء، تجمعهم الصفات والمصالح، فلا غرابة أن تجدهم معاً في تحالفات اليوم.
من هي الإمارات؟ هي الحليف الاستراتيجي لنظام صالح، وهذا واضح في احتضان الإمارات بقاياه، وتنفيذ مخطط عودة حكم عفاش، وتأسيس جيوش صالح ومليشياته، وهي مليشيا مناطقية جهوية مذهبية متنازعة الولاء.
قالها صالح إنه سيجعل من عدن قرية، وسخرنا منه. كان يقولها بثقة لأنه يعرف حجم تأثيره وتحالفاته وأدواته والنفوس المصابة التي تركها، ويعرف أنه تمكن من نزع رجولة بعضنا، فخخ المجتمع بهم، وبرمجهم للاستخدام القذر والنذالة واللصوصية والنهب والعبث، لينتزع أهم ما نمتلكه، وهو عدالة القضية التي نحملها. وعندما قبلنا التنازل عن عدالة القضية، سلوكاً وخطاباً وثقافة واستراتيجية، كان الانتحار والتسليم لصالح بإتاحة الفرصة لذوي النفوس المريضة، بأن تمارس كل ما فيها من قذارة، كراهية وعنصرية وخصومة فاجرة، فتصدرت المشهد نفوس تفرز ما فيها من أوساخ اليوم على واقعنا، وهذا هو العبث بعينه. يتم هذا كله بدعم مخطط، غرضه أن تتحول عدن إلى قرية غير قادرة على المنافسة كموقع تجاري مهم، ومركز اقتصادي مهم يؤسف على عدن، مما أصابها من قذارة لم تراع دماء الشهداء ونضال الشرفاء، وما سطّره كفاح الأبطال في جبهات القتال. نحن أمام مخطط ضرب البنى التحتية والإرث التاريخي ومعالم المدنية في عدن.
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
أحمد ناصر حميدان (اليمن)
أحمد ناصر حميدان (اليمن)