عن حل اللجان الشعبية في غزة

عن حل اللجان الشعبية في غزة

13 يوليو 2019
+ الخط -
أثار القرار الذي اتخذه رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، أحمد أبو هولي، بحل اللجان الشعبية للاجئين في قطاع غزة، وتشكيل لجان تحضيرية بحجة تحسين مستوى عمل تلك اللجان وتغيير نهجها، الجدل أكثر مما أثار الارتياح. ومثار الجدل أولا بشأن ما أثير عن قانونية القرار من عدمه، وثانيا بشأن الأهداف الموضوعية التي تحيط بحيثيات اتخاذ هذا القرار في مثل هذا التوقيت، وثالثا، حول مآلات مستقبل اللجان الشعبية، والتي عبّر رؤساء عدد منها عن رفضهم لقرار أبو هولي.
ففي أعقاب الإعلان عن القرار، وضع بعضهم علامة استفهام كبيرة: لماذا حل اللجان الشعبية في غزة دون الضفة الغربية؟
وأثيرت التساؤلات حول الأبعاد السياسية للقرار الذي لمّح بعضهم إلى صلته بالانقسام السياسي بين غزة والضفة الغربية، على الرغم من الأسباب الموضوعية المتعلقة بآليات العمل في هذه اللجان التي أعلن مقربون من أبو هولي عنها، وهو الذي رفض التعليق على القرار بتصريح رسمي، وعد الجميع بأن مؤتمراً صحافياً سيعقب اجتماعاً مهماً، من المفترض أنه عقد مع الفصائل الفلسطينية يوم الأحد الماضي عن تلك المعلومات والترتيبات التي ستحصل، ولكن ذلك لم يحدث!
ترافق قرار حل اللجان الشعبية للاجئين في المخيمات الثمانية في محافظات غزة مع قرار بتشكيل لجان تحضيرية من شخصيات أكاديمية، قيل إنها ستكون متخصصة وذات كفاءة، وتتمتع بسمعة طيبة، فهل سيشترط في هذه الشخصيات أن تكون من لون سياسي معين، يحظى بتأييد ورضى القيادة في رام الله. والأهم من ذلك، كيف سيتم اختيار هذه الشخصيات: هل ستعتمد آليات الاختيار الحر، وخصوصا أنها ستمثل جمهور اللاجئين في المخيمات، علما أنها تحمل الصفة الشعبية، أم ستنفرد دائرة أبو هولي باختيارهم ضمن اعتباراتٍ حزبيةٍ بمعزل عن بقية الشركاء في هذا الوطن؟
ما يجري يطرح السؤال عن مواقف الفصائل الأخرى، الشريكة في منظمة التحرير، فضلا عن الفصائل خارج المنظمة، فلم نسمع رأي الجبهتين الشعبية والديمقراطية، وغيرهما، أم أنهم ينتظرون انجلاء الغبار عن المقصلة؟ أما حركة حماس، فيبدو أنها تعتبره خطوة غير بريئة، حيث ناشد وزير الثقافة السابق، محمد المدهون، أبو هولي العدول عن القرار، معتبرا أنه ينسجم مع مشروع تصفية قضية اللاجئين وإسقاط حق العودة في صفقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
أعلن رؤساء عدد من اللجان الشعبية، بكل جسارة، أن القرار سياسي وغير قانوني، ولا يحق لرئاستها حل اللجان وتسليمها للجان تحضيرية دون التوافق مع الجميع. واعتبروا القرار خارج صلاحية رئيس الدائرة، لأنها جسم شعبي شكّل من هيئات شعبية انتخبت لجانها بنفسها، وكل عامين تتجدد الانتخابات، ويكون ذلك غالبًا بالتوافق، حيث إنها شكلت قبل تأسيس الدائرة، وحلها له انعكاس خطير، ويعني أن تنظيمًا واحدًا سيسيطر على جميع اللجان التي ستصبح غير مؤثرة.
رؤساء اللجان الشعبية الحاليون لا يعارضون التغيير والتجديد، ولكن من دون تدخل دائرة شؤون اللاجئين، ويطالبون بالتوافق على تشكيل هيئة عمل وطني، وليس حل جميع اللجان وتسليمها للجان تحضيرية، مهدّدين بعدم الالتزام بالقرار لصالح إعادة تشكيل لجان شعبية جديدة، تعتمد على ذاتها في التمويل، بعيداً عن دائرة شؤون اللاجئين.
علما أن اللجان الشعبية يحكم عملها نظام داخلي مكون من لجنة جمعية عمومية هي المسؤولة عن تكليف رؤساء اللجان، حيث لم يسجل، منذ تأسيس اللجان، أن عملت دائرة شؤون اللاجئين على تكليف أي رئيس لأي لجنة شعبية.
القرار الذي وصفه بعضهم بأنه "مهين"، لأنه يتجاهل مجهودات تنفذها اللجان منذ سنوات، يكشف عن مفارقة مثيرة في تمويل اللجان الشعبية في مخيمات القطاع، حيث إن اللجان الشعبية في غزة تتلقى مساعدات مالية من دائرة شؤون اللاجئين من منظمة التحرير، في حين تحصل اللجان الشعبية في الضفة الغربية على التمويل من وزارة المالية في رام الله، فهل هذا يمكن أن يفسر سبب قرار أبو هولي الذي شمل حل اللجان الشعبية في غزة دون الضفة، على اعتبار أن من يملك التمويل يملك الولاية؟
هل يمكن اعتبار قرار أبو هولي بحل اللجان الشعبية امتداداً لقرارات رام الله المتعلقة بتشعيب حالة الانقسام، والتي تسعى لتعطيل كل أشكال الحياة في غزة، بحجة الضغط على حركة حماس لتسليم غزة من الباب إلى المحراب؟
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
عماد عفانة (فلسطين)
عماد عفانة (فلسطين)