ترامب في حملته الانتخابية الجديدة

ترامب في حملته الانتخابية الجديدة

28 يونيو 2019
+ الخط -
أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حملته الانتخابية لعام 2020 من ولاية فلوريدا. وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي الوطنية الشاملة، وليست التي تعتمد على الولايات، تعطي منافسيه الديمقراطيين الخمسة تفوقا عليه، ومنهم نائب الرئيس السابق، جو بايدن، والسيناتور بيرني ساندرز، اللذان يتفوقان في استطلاعات الرأي بين الديمقراطيين، إلا أن ترامب كعادته شكك في استطلاعات الرأي هذه، كما كرّر مرات أن استطلاعات الرأي كلها كشفت أنها كاذبة مع انتخابات عام 2016 التي توقعت فوز منافسته حينها هيلاري كلينتون. 
لم يتغير شيء من سلوك ترامب أو خطابه، توقع كثيرون، مع بداية رئاسته، أن يصبح خطابه أكثر اعتدالاً عندما يصل إلى البيت الأبيض، وأن المؤسسات الأميركية ستستطيع أن تحكمه أو تروّضه قليلاً، لكن العكس هو الصحيح، فقد استطاعت التأثيرَ عليها إدارة البيت الأبيض، بطريقته العشوائية وفوضويته. وأدار ترامب السياسة الداخلية عبر "تويتر"، وحوّل السياسة الخارجية إلى مزايداتٍ ومراهنات لا يحكمها القرار العقلاني المؤسساتي.
إذا هل سيعيد الأميركيون انتخابه مع نهاية السنة المقبلة، على الرغم مما ظهر في سلوكه مما وثقه أكثر من كتاب وصحافي، عدا عن توثيق تغريداته اليومية سلوكه اليومي في طريقة إدارة الملفات الداخلية والخارجية؟ من الصعب الإجابة عن السؤال، فهناك أكثر من 15 شهرا على الانتخابات المقبلة، وهناك كثير مما يتغير يوميا، مع قرب موعدها، ولكن المؤكد أن ترامب 
حافظ على ثقة قاعدته به، فازداد تمسّك الإنجليكيين به، بسبب تعيين قاضيين محافظين في المحكمة الدستورية العليا، قدّما على مدى السنة الماضية وجهات نظر شديدة المحافظية من قضايا خلافية، مثل الإجهاض وحرية التعبير والتدين، وغيرها من قضايا تعتبر في غاية الأهمية للقاعدة المحافظة في الحزب الجمهوري.
كما جلبت سياسة ترامب تجاه إسرائيل له دعما غير محدود من اليهود المحافظين، وهم الأقلية بالمناسبة، ولكنها جلبت له أصواتا أكثر من داخل المتدينين الإنجليكيين الذين رأوا في ترامب أن "الله أرسله للحفاظ على أمن إسرائيل"، كما عبر مرة وزير الخارجية الأميركية، بومبيو، في مقابلة مع صحيفة إسرائيلية.
يقوم الرهان الوحيد على خسارة ترامب على أن سياسته التحريضية ربما تشجع المعسكر الليبرالي والتقدمي على التصويت بكثافة، وعلى المشاركة بأعداد ونسب كبيرة، من أجل هزيمته في الانتخابات المقبلة، وهو رهانٌ لا يمكن الاعتماد عليه إلا يوم الانتخابات، سيما أن المرشحين الديمقراطيين، على كثرة عددهم، يعوزهم الحضور الشخصي والكاريزما الضرورية في أية انتخابات، فضلا عن أن سن بايدن وساندرز الذي تجاوز الخامسة والسبعين ستشكل عاملا حاسما في عدم اندفاع الشباب لانتخاب أي منهما.
القول إذا أن ترامب سينجح في انتخابات الرئاسة المقبلة مضلل. وفي الوقت نفسه، لا يمكن القول إنه سيخسرها بسهولة، فقاعدته الانتخابية حافظت على صمودها، على الرغم من كل الحملات الإعلامية التي يواجهها، فاستطاع مواجهتها عبر تغريداته وعبر الأكاذيب المتكرّرة التي يردّدها، والتي أصبحت من المعتاد، وبالتالي لم تعد تشكل مشكلةً حقيقيةً للناخب الأميركي الذي يمكن القول إنه اعتاد على الستايل الخاص بترامب، وأنه يبدو مستعدا لمنحه ثقته مرة أخرى، طالما أن الاقتصاد يؤدي دورا جيداً، وأن الأرقام الخاصة بإيجاد فرص العمل والنمو تبدو مشجعة للغاية، مقارنة بالأرقام التي كانت على عهد الرئيس السابق، أوباما.
كانت سياسة ترامب الخارجية في كوريا الشمالية وسورية وإيران أشبه بالكارثة عبر الفوضى 
الدائمة في طريقة إدارتها. وبالتالي لا يتوقع أنها ستحدث أثرا في الناخب الأميركي، فترامب الذي راهن على التقارب مع كوريا الشمالية فشل في تحقيق أي هدفٍ تم التخطيط له. أما سياسة ترامب في سورية فكانت تقوم على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فقط، كما خطط الرئيس أوباما قبله. وفي الوقت نفسه، تسليم الملف كليا إلى روسيا، حيث لا دعم لمفاوضات الحل السياسي، ولا دعم للمعارضة العسكرية، ولا دعم للنازحين السوريين أو اللاجئين. إنها أشبه بالفوضى التي لا يمكن وصفها، إلا أنها تعكس شخصية ترامب في عدم قدرته على التركيز على أي ملف، وإنجاز شيء ما ذي معنى.
وتبدو سياسة ترامب مع إيران اليوم شبيهة بتلك مع كوريا الشمالية، حيث التذبذب اليومي والتصريحات المتضاربة وعدم معرفة الهدف الحقيقي من كل هذه العقوبات، وعدم القدرة على الرد على التحرشات الإيرانية، مثل إسقاط الطائرة المسيرة، مخافة الانجرار إلى حرب، وهو ما قام به بالمثل مع كوريا الشمالية في رفض الانجرار إلى حربٍ، على الرغم من الاستفزازات الكورية.
باختصار، يمكن القول إن ترامب هذا في عام 2019 هو نفسه في عام 2016. لم تتغير شخصيته، أو يتعلم شيئا من وجوده في البيت الأبيض، ما يدفع إلى القول إن الرهان اليوم على الناخب الأميركي الذي سيسمح بشخصٍ مثل ترامب بالاستمرار في موقعه في البيت الأبيض، أو يفرض تغييرا من نوع جديد.
BCA0696E-8EAC-405E-9C84-3F8EA3CBA8A5
رضوان زيادة

كاتب وباحث سوري، أستاذ في جامعة جورج واشنطن في واشنطن