اليمن ضحية الأطماع

اليمن ضحية الأطماع

23 يونيو 2019
+ الخط -
تنشغل الشرعية في معارك جانبية، تلهيها عن معركتها الرئيسية في الانتصار لإرادة الناس التي تمخضت في الحوار الوطني بمخرجات دولة اتحادية ضامنة للمواطنة والحريات والعدالة، تشرك الجميع في السلطة والثروة.
كانت مخرجات القضية الجنوبية محورا رئيسيا من محاوره، نصت بنودها على جنوب مستقل، جنوب قوي شريك بالند، بعد أن تتشكل مؤسساته، جنوب قادر على أن يحدد مصيره الشرعي والقانوني. فلماذا، إذا، هذه المعارك الجانبية والعبثية التي تحاول حرف مسار المعركة، لتجعل الجنوب بؤرة صراع وحروب واقتتال، لا يمكن أن يخدم قضيته العادلة؟ بل يزيد من حجم التراكمات والشروخ الاجتماعية في عملية تأزيم تخدم أطرافا سياسية للاستئثار بالسلطة والثروة، وتنفذ أجندات وأطماع قوى إقليمية ودولية، تجعل الجنوب مريضا فاقدا للسيادة والإرادة؟
ما يحدث في عدن من احتقان، وما حدث في سقطرى وشبوة من اقتتال ومواجهات، في الظاهر هو حق جنوبي، وفي الباطن هو انقلاب على الشرعية ومشروعها، للاستئثار والاستحواذ على مصادر الثروة والإيرادات، هو ضغط إماراتي بأدواته المحلية، للضغط على الشرعية للقبول بالإملاءات، والتفريط في السيادة والإرادة والاستقلال الذاتي، بالتنازل عن حق إدارة البلد بمناطقه المحررة، اقتصاديا وسياسيا، لتكون الشرعية مجرد أداة تديرها تلك الأطماع.
ذلك هو السبب الرئيس المعيق للدولة، وترسيخ مؤسساتها وإدارة مؤسساتها الإدارية ومصادر الثروة، لتعد ميزانية تنظم إيقاع الحياة لضمان الرواتب والعلاوات، وتفعيل القضاء والنيابة والرقابة والمحاسبة ومنظمات المجتمع المدني.
الجنوب وطن وهوية، في إطار الدولة اليمنية، فمن حق الجنوب أن يحفظ سيادته وإرادته شريكا مهما في هذه الدولة الاتحادية، بل أتيحت له الفرص ليدير هذا المشروع الوطني، من عدن التي فرضت عاصمة مؤقتة، منها ينطلق الشرفاء والأحرار والمناضلون، ليحققوا المواطنة والعدل والحريات، ومنها يقدمون مثالا رائعا وساميا ونبيلا. ومنها ستُطوى صفحة الألم والمآسي والصراعات والحروب، لتفتح صفحة بيضاء من الحب والتسامح والتوافق، سيرا نحو مستقبلٍ منشود، فيه الجميع شركاء في دولة عادلة يسودها النظام والقانون، والشراكة الحقيقية في السلطة والثروة، وطن يستوعب كل أبنائه، يرفض التآمر والتبعية، يرسّخ الدولة الوطنية التي تحفظ الإرادة والاستقلال والسيادة من دون إملاءات وخنوع واستسلام، لنكون أمة محترمة بين الأمم. ولكن ما جرى كان عكس ذلك تماما.
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
أحمد ناصر حميدان (اليمن)
أحمد ناصر حميدان (اليمن)