الربيع العربي والشعارات

الربيع العربي والشعارات

07 مايو 2019
+ الخط -
انطلقت شرارة الربيع العربي من تونس الخضراء تحت شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، وبلغة فرنسية كانت هناك عبارة تكرر، وهي degage. والشعار كان خلاصة مقولة لشاعر الشباب أبو القاسم الشابي "إذا الشعب يوماً أرد الحياة/ فلا بد أن يستجيب القدر/ ولابد لليل أن ينجلي/ ولابد للقيد أن ينكسر". وبالتالي، كانت هذه الشعارات تميز الثورة في تونس. ليأتي الحراك في ليبيا وثورة 17 فبراير، حيث إنه إلى جانب شعار تونس "الشعب يريد إسقاط النظام"، لفتت انتباهي شعارات تدل على خصوصية البلاد، مثل هتاف: "قولوا لمعمر وأولاده ليبيا فيها رجاله.."، ويقول آخرون "يا قدافي صبرك صبرك.. في مصراته نحفر قبرك"، ليستعير الليبيون عبارة dégage إلى كلمة إرحل في مصر، لعلّ ما ميز الثورة المصرية خفة دم المصريين ونكتتهم. فكانت الأغاني والأهازيج والشعارات تحمل الطابع النقدي الهزلي، وبرزت مفردة الفلول. أما في سورية فغلبت على الهتافات عبارة عن مواويل سورية، وبرزت مفردة "الشبيحة" التي يقصد بها العملاء للنظام، أو ما أطلق عليه اسم المنظومة القديمة، وبرزت أصوات ومواهب وأهازيج. 
ما لفت انتباهي في شعارات أهلنا في اليمن، فرّج الله كربهم، عندما هتفت شابة على إحدى القنوات العربية الإخبارية قائلة: "علي عبدالله صالح لن تصوملنا"، نسبة إلى الصومال ومجاعتها، بل "تونسنا"، نسبة إلى تونس وثورتها.
تنوعت الشعارات، لكنها اجتمعت على شيء واحد، واتفقت عليه، وهو إسقاط أنظمة مهترئة ومنتهية الصلاحية. ولعلّ جديدها الحراك الجزائري الذي لم يتوقعه أحد، بحكم قوة قبضة العسكر في المشهد السياسي الذي هتف "يتناحو قاع.."، يعني إزاحة المنظومة الحاكمة التابعة لعبد العزيز بوتفليقة. وأثبت الحراك صلابته أمام أي تلاعب بمطالبهم من أي جهة كانت. وهذا وإن دلّ على شيء، فيدل على أن الشعوب اتعظت، واستوعبت الدرس، بل قدمت دروساً في السلمية، خصوصا الجزائر التي كانت وما زالت سلميتها تصنع الحدث. إلى جانب ذلك الحراك المتصاعد في السودان الذي جعلنا نكتشف "الكنداكة"، وشعارات وفنا سودانيا من عبق التاريخ، وأشهر ما قيل "ما يقتل طلق رصاص.. يقتل سكوت الزول..". وهذا ما كشف جهلنا بالثقافات الأخرى على الأقل على المستوى الشخصي، إبداعات الشباب كانت وستظل أيقونة لكل عمل تطوعي، أو حراك اجتماعي، أو سياسي. لذلك، لا بد من منحهم فرصة، فالزمن غير الزمن، لكي لا نشوش على هذه الشعارات، ونشكك فيها، وندّعي مثلما يدعي بعضهم أنها مؤامرة خارجية، وأنهم مدفوعون من أيادٍ خارجية، وهذه الديباجة المملة صراحة.
72C9A82E-E6AE-4A2E-8BAC-B8DD352326AD
72C9A82E-E6AE-4A2E-8BAC-B8DD352326AD
أحلام رحومة (تونس)
أحلام رحومة (تونس)