أي حوار مع إيران؟

أي حوار مع إيران؟

01 يونيو 2019
+ الخط -
أنا من أنصار الحوار مع جميع البشر والدول والتنظيمات والأفراد والجماعات. من دون حوار لا تواصل إنسانيا. وفي حالتنا العربية، لا تواصل سياسيا، ومن دون تواصل لا سلام، ولا تفاهم على أي شأن: كبيرا كان أم صغيرا.
وأنا من أنصار الحوار مع إيران، كما هي: دولة استولى الملالي على السلطة فيها، وشرعوا يصدّرون ثورتهم إلى جوارها العربي بذرائع خلاصية، تتمحور حول رد الدين الحنيف إلى حقيقته التي شوهتها المدارس الفقهية السنية. ومع أنه كان من الطبيعي ألا تنجح المحاولة الدينية، فإن نجحت أيما نجاح في الارتطام العنيف بالجوار العربي الإسلامي، بدءا بالعراق الذي ابتلي بحربٍ بدأت عام 1980، وانتهت بإعدام الرئىس صدام حسين بيد جماعاتٍ مواليةٍ لطهران وبأوامر منها، كانت سلطتهم قد نبعت من فوهات دبابات جيش الشيطان الأميركي الأكبر، ومرّ ما يماثلها بتشكيل حزب الله، بإشراف حافظ الأسد، ليعفيه تشكيله من خوض حرب تحرّر الجولان، ويحيل تحريره إلى زمنٍ لا يعلمه إلا الله، من دون أن يفقد مسوغات حربه ضد العرب، وملاقاة إيران على إسقاط العراق، والإجهاز عليه كدولة عربية مفتاحية، لطالما كانت طرفا في قطبيةٍ ثنائيةٍ حدّها الآخر مصر، في سياق الجهود الأسدية التي لم تتوقف لتدمير النظام العربي الذي أنجزه بالتعاون مع الملالي، بينما تعاون ابنه معهم لتدمير سورية، بمجرد أن تمرّدت على نظامه.
يطلب مندوب الملالي، محمد جواد ظريف، اليوم الحوار مع العرب، لبناء نظام عدم اعتداء متبادل. كان من شأن هذا المطلب أن يكون محقا إلى أبعد حد، لو أن العرب اعتدوا على إيران، أو احتلوا أراضي خاضعة لسيادتها، أو لو هدّدوا بإغلاق ممراتها البحرية وقطعها، أو ببناء تنظيماتٍ مسلحةٍ تابعة لهم من أهل السنة الإيرانيين، تمثل اختراقاتٍ عميقةً لنسيجها الوطني، ونظموا ودرّبوا وسلحوا ومولوا وحدات عسكرية ملحقة بجيشٍ عربيٍّ ما، كما هو حال حزب الله، وحدة الحرس الثوري المرابطة في لبنان. لكن العرب، يا حسرتي عليهم، لا بالعير ولا بالنفير، ويبدو وكأنه لم يبق لهم من القدرة ما يكفي للوقوف على أقدامهم، إن قرّروا الاستيقاظ من غفلتهم، وإعادة ألسنتهم إلى أفواههم، تيمنا ببعير مظفر النواب.
لم يفعل العرب شيئا من هذا. في المقابل، يقول أحد علماء الدين في إيران إن جماعته يمسكون بالبحار التي تطوّق المشرق والجزيرة العربية: من الخليج الفارسي إلى بحر العرب إلى البحر الأحمر، وبمضيقي هرمز وباب المندب، وينتشرون، بجهود أسد يهوذا، في شرق المتوسط، عبر سيطرتهم على ميناءي اللاذقية وبانياس، وعلى حزب الله في لبنان الذي يحارب الصهاينة في اليمن وبغداد والبحرين وسورية، بينما يقاتل الحشد الشعبي العراق والحوثيون اليمن، وينشر حرس طهران الثوري مائة ألف مقاتل في سورية، ومثلهم في العراق، وتنطلق صواريخه البالستية وطائراتهم المسيرة: من إيران في الشرق، ولبنان في الغرب (ضد قرى سورية ومدنها بصورة حصرية)، واليمن في الجنوب، ناهيك عما ينطلق من داخل الدول العربية ذاتها ضد قراها ومدنها، باعتراف جنرالات المرشد الذين استقووا على العرب حتى أهلكوهم، وحين أهلكوهم أرسلوا ظريف يطالبهم بحماية طهران من واشنطن، باسم معاهدة عدم اعتداء بين طرفين: واحد يعتدي منذ نيفٍ وأربعة عقود على جيرانه، ويحتل ما استطاع احتلاله من بلدانهم، ويتباهى بسيطرته على أربع عواصم عربية، وآخر لا يستطيع الاعتداء على ذبابة.
سيد ظريف: أنا مع المعاهدة قلباً وقالباً، بعد خروج إيران من جوارها العربي، وخروج جميع العرب من جوارهم الفارسي، إذا كانت لديك الشجاعة لقبول ذلك، تعال ليكون ثوار سورية أول من يوقع معك.
E4AA2ECF-ADA6-4461-AF81-5FD68ED274E9
ميشيل كيلو

كاتب سوري، مواليد 1940، ترأس مركز حريات للدفاع عن حرية الرأي والتعبير في سورية، تعرض للاعتقال مرات، ترجم كتباً في الفكر السياسي، عضو بارز في الائتلاف الوطني السوري المعارض.