عن الهوس بالسيلفي

عن الهوس بالسيلفي

10 ابريل 2019
+ الخط -
يروى أنّ أحد الملوك كان يعاني من عاهة لديه، إذ كان أعور وأعرج، ما سبّب له حالة نفسية سيئة.
بدأ الملك يبحث عن حل يخرجه من حالته، فجمع كلّ الرسامين في مملكته، وطلب منهم رسم صور له، تخفي تلك العيوب. اعتذر كل الرسامين، إلا أحدهم الذي وافق على طلب الملك مقابل جائزة.
بعد أيام، حضر الرسام ومعه لوحة الرسم، وعرضها على الملك الذي أعجب بها كثيرا، حيث بدا فيها الملك وهو يمسك ببندقيته ويصوبها ليصطاد غزالا. في وضعية الصيد، بدا الملك وهو يجثو على ركبتيه، ويغمض إحدى عينيه، وفي ظل هذا المنظر تختفي عورة الملك.
في دراسة حديثة، أكد علماء نفسيون أنّ الهوس بنشر صور السيلفي مرض عقلي حقيقي والمصاب به يحتاج إلى مساعدة طبية.
كما أكد علماء وباحثون من جامعة توتنغهام ترينت البريطانية، وكلية تياغاراجار الهندية، في دراسة لهم، أنّ هناك ثلاثة مستويات من هذه الحالة النفسية المضطربة. الأول، هم الأشخاص الذين يلتقطون الصور ثلاث مرات على الأقل في اليوم. والثاني هو المرحلة الحادة من الاضطراب. والثالث، المزمن، هو حين يشعر الشخص المصاب برغبة لا يستطيع السيطرة عليها، بحيث يلتقط الصور وينشرها على مدار الساعة أكثر من ست مرات يوميا.
ووفقا لموقع طبي أميركي، قالت الأستاذة المساعدة في جامعة ولاية أوهايو الأميركية، جيسي فوكس، إن مثل هذا السلوك يسمّى في علم النفس، النرجسية، وهو الاهتمام الزائد بالنفس. وأكدت الدراسة أن الأشخاص المهتمين بالتقاط الصور يعتقدون أنهم أكثر ذكاء وجاذبية، وأفضل من الآخرين، بالإضافة إلى وجود مشكلاتٍ تتعلق بالأمان والميل إلى تضخيم الذات.
هذا المرض، على ما يبدو، أصيب به كثيرون في مجتمعنا هذا اليوم، سواء من عامة الناس أو ممن هم في قمة الهرم، فترى بعضهم إذا جلس في المطعم صوّر نفسه، وإذا دعا أصدقاءه قام بالتصوير، وإذا شعر بصداع خفيف صوّر ونشر، وإذا مرّ بالقرب من سيارة حديثة وقف بجانبها وصوّر ونشر ليظن الناس أنها ملكه.
المسؤول الذي يزور موقع عمل يحضر معه مصوّرين أكثر من عمال الموقع، وما إن ينتهي التصوير وينسحب المسؤول حتى ينسحب العمال. بل وصل الأمر إلى مجالس العزاء، فترى المصورين، وخصوصا عند حضور مسؤول ما، يلتقطون الصور له، واقفا جالسا ماشيا. طبعا، وهذا عدا التصوير عن طريق الهواتف، فهنا حدث ولا حرج.
طبعا لسنا ضد توثيق الناس للمناسبات أو الأحداث في حياتهم، لكن أن يصل الأمر إلى حالة نفسية مرضية، فالأمر يبدو جنونا بعينه، إذ أصبح عامة الناس يطلقون عليها "صورني يا عطوان".
اللهم أجرنا وسلمنا و"صورني يا عطوان".
C950ED75-9777-4102-A1EF-12E7B15D7144
C950ED75-9777-4102-A1EF-12E7B15D7144
سلام عفات عودة (العراق)
سلام عفات عودة (العراق)