أقصى العقوبات بحق ترامب

أقصى العقوبات بحق ترامب

14 ابريل 2019
+ الخط -
لمعَ، في الآونة الأخيرة، نجمُ فرع نقابة المحامين في حلب. قبل أيام، أقام رئيس الفرع الأستاذ سامي كريم، وبعضُ زملائه المحامين، دعوى قضائيةً على المدعو دونالد بن جون ترامب، (مكان إقامته واشنطن دي سي- الولايات المتحدة الأميركية- البيت الأبيض)، وطالبوه بالمثول أمام المحامي العام الأول في حلب، تمهيداً لإجباره على المثول أمام رئيس محكمة الجنايات، ومحاكمته بتهمة وهن عزيمة الأمة السورية، والتفريط بالجولان السوري، وتقديمه لقمة سائغة للعدو الصهيوني، فكأن هذا المُدَّعَى عليه الأحمق، التافه، يمنح الصهاينة من مال الذي خَلَّفَهْ. وكما هو مأمول؛ استجاب المحامي العام الأول في حلب، الأستاذ أحمد عمر بلاش، للشكوى، ورفع مذكرة خطية إلى وزير العدل، ختمها بعبارة يَكْثُرُ استخدامُها في حيثيات القضاء السوري ومرافعاته القانونية، وهي: المطالبة بإنزال أقصى العقوبات بحق المدّعى عليه، وإلزامه بدفع الرسوم والأتعاب.
مثل هذه الدعاوى ليست جديدة علينا، ففي سورية الأسد، كلما دق الكوز بالجرّة، ينبري بضعةُ محامين، بالاشتراك مع بعض الشخصيات الاعتبارية، لمقاضاة أناسٍ يعيشون خارج البلاد، يتطاولون على القيادة التاريخية الحكيمة لبيت الأسد؛ لا يفعلون هذا حباً بآل الأسد وحسب، وإنما حباً بالوطن السوري الذي تمثله هذه القيادةُ الحكيمة.
كان من الممكن أن يتردّد هؤلاء المحامون في إقامة الدعوى على المدعو ترامب، أو ربما يتراجعون عنها فيما لو كان الأمر يتطلب سفر رئيس فرع النقابة والمحامين وزملائه إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيثُ يقيمُ المدّعى عليه. لديهم أسباب كثيرة للتردّد والتراجع، أولُها أنهم لا يثقون بالقضاء الأميركي الذي تسيطر عليه مافيات عائلية مقرّبة من آل ترامب.. إذ ياما ربح مواطنون أميركون دعاوى قضائية مُقَامة على متنفذين مختلفين. ولكن، وبمجرد ما تكتسب تلك الأحكام الدرجة القطعية، وتحال إلى دائرة التنفيذ، يأتي الشبيحة الترامبيون بالثياب العسكرية المموّهة، كاشفين عن زنودهم الموشومة بعبارة "Trump or make America jump"، ويباشرون التشبيح بقصد إخافة القضاة والمحامين ومأموري التنفيذ، يهدّدونهم ويتوعدونهم ويقولون لهم: "You must know to whome you are speakıng"، وتَرْجَمَتُها بتصرف: اعرف مع مين عم تحكي ولاك كر.. ووقتها، لا بد أن تُلقى الأحكامُ في الأدراج، ويبدأ المواطنون الأميركان بالتهامس والوتوتة، قائلين فيما بينهم: طز بالقضاء الأميركاني، هدول الترامبيين عملوا قضاءنا مسخرة، وصار كل مية حكم مكتسب الدرجة القطعية بقشرة بصلة!
السبب الثاني الذي يجعل محامي نقابة حلب يمتنعون عن السفر إلى أميركا هو الخشية من العار الذي سيدمغهم، حينما سيعرف القاصي والداني أنهم سمحوا لأنفسهم بزيارة قلعة الإمبريالية العالمية المعادية لحقوق الشعوب المحبة للسلام والعدل، القلعة المؤيدة للعدو الصهيوني الغاصب. السبب الثالث الذي يمنعهم من الذهاب هو ضرورة اكتساب شرف المشاركة في الاحتفالات العظيمة التي عمّت أراضي القطر العربي السوري، فور إعلان المأفون ترامب تأييده ضم الجولان العربي السوري إلى الكيان الصهيوني. ولا يظنن أحدٌ أن الناس الذين خرجوا للاحتفال مجانين، أو مهابيل، بل العكس هو الصحيح، لأن إعلان ترامب كان شبيهاً بعش الدبابير النائم وقد أتى مَنْ ينكشه ويفلشه. والدلائل ماثلة أمام القاصي والداني، أولها الصورة التي الْتُقِطَتْ للسيد الرئيس بشار الأسد، بالطول الكامل، وهو متزنر بشريطٍ كتبت عليه عبارة "الجولان لنا حرام على غيرنا". وبادرت إحدى الفرق الحزبية لصناعة مجسّم يرمز للقضية، يتألف من "طشت" بلاستيكي مليء بتراب الجولان، زُرِعَتْ فيه أعلام القطر العربي السوري الصامد، ووقف حوله المسؤولون المحليون، وأخذت لهم صور تذكارية، تصدرت صفحات الصحف والمواقع الإلكترونية. وفي لحظة تاريخية نادرة، ظهر المحلل الاستراتيجي، خالد العبود، على القناة الوطنية السورية، معلناً أن هذه "لحظة انتصار"، فكان إعلانُه شرارة جعلت الجماهير الكادحة تنزل إلى الشوارع، وترقص وتدبك وتنخّ، احتفاء بلحظة الانتصار التاريخية هذه.
خطيب بدلة
خطيب بدلة
قاص وسيناريست وصحفي سوري، له 22 كتاباً مطبوعاً وأعمال تلفزيونية وإذاعية عديدة؛ المشرف على مدوّنة " إمتاع ومؤانسة"... كما يعرف بنفسه: كاتب عادي، يسعى، منذ أربعين عاماً، أن يكتسب شيئاً من الأهمية. أصدر، لأجل ذلك كتباً، وألف تمثيليات تلفزيونية وإذاعية، وكتب المئات من المقالات الصحفية، دون جدوى...