الكتابة في زمن صعب

الكتابة في زمن صعب

30 مارس 2019
+ الخط -
تنظر في هذا البياض الذي يبدو أمامك على شاشة الوورد أو "فيسبوك"، فتتحرك نوازعك، تريد أن تكتب شيئاً؛ فالصفحات البيضاء مغرية للكتابة لكنك تتردد؛ فتكتب ثم تمسح، ثم تعاود الكتابة والمسح.
لا تدري ماذا تريد أن تكتب. ليس عن قلة أفكار؛ بل هناك زخم مضطرب من الأفكار التي يجيش بها خاطرك، لكن نفسك مضطربة كأمواج عاتية في محيط أثناء عاصفة مدارية.
فتسأل: ماذا تكتب؟ ولمَ تكتب أصلاً؟ وهل تكتب لمجرد "تنفيس" الاضطراب المشوش الذي تعيشه، أو بالأصح دُفعت لكي تعيشه؟ وإذا كان كذلك، فهل تستطيع أن تكتب كل شيء؟ طبعاً لا، فـ "في القلبِ غيرُ البغضِ غيرُ الهوى/ فكيف أحكي يا ضجيجَ الدروب؟".
يكاد البيت الشعري هذا لمولانا عبدالله البردوني يختصر الكلام كله؛ إنه ضجيج الدروب التي نعيشها، ضجيج أشد ضوضاء من الانفجار العظيم قبل 13.7 مليار سنة.
يضحك آخرك الشخصي، ويقول: ما تزال روحك العلمية مفعمة بالصحة.
يأتي طيف البردوني، ليرد: "ريانَ، إلا من قميصِ وِلاده/ عانٍ، وقلبُ الشِعرِ فيهِ معافى"، باستبدال كلمة "روح" مكان "قلب" و"العلم" مكان "الشِعر"! كم هو صادق هذا البردوني وهو يعبّر عن كل حالة لليمني الأخير.
يقول آخرك الشخصي: ماذا بعد؟
حقيقة لا أدري ما بعد! فأنا قد "تبعددت" كثيراً بهذه "الما بعد"، لكني لم أدرِ وراءها!
ليس لي إلا السؤال الذي يرافقني حتى المشيب، وحينئذ سيكون التساؤل موجهاً لك كما يقول مولانا البردوني:
أما زلتَ؟ شابت عيالُ العيالْ
وأنت تلاحق وعد المِطالْ
فلا أمكن الممكن المشتهى
إليكَ ولا المستحيلُ استحالْ
تبيتُ على باب سينٍ وراءٍ
وتغدو على باب واوٍ ودالْ
عبد الحفيظ العمري
عبد الحفيظ العمري
عبد الحفيظ العمري
كاتب ومهندس من اليمن، مهتم بالعلوم ونشر الثقافة العلمية. لديه عدّة كتب منشورة إلكترونيا. الحكمة التي يؤمن بها: "قيمة الانسان هي ما يضيفه للحياة ما بين حياته ومماته" للدكتور مصطفى محمود.
عبد الحفيظ العمري