فساد في تونس

فساد في تونس

10 فبراير 2019
+ الخط -
عندما تقام مناظرات للتشغيل والتوظيف في شتى المجالات، وينتظر العاطلون عن العمل النتائج فتخرج مفاجئة لهم دون المأمول، عبر اللعب في الأسماء وتزوير النتائج، أليس هذا فسادا مقننا؟
عندما تبعث مبادرة "قرض تحسين مسكن"، ويتم التلاعب في الملفات المقدمة، وأتحدث عن سيدة تم إقصاء ملفها أكثر من مرة، فحملت نفسها وذهبت إلى المسؤول، وقالت له باختصار: "ارحموا عزيز قوم ذل"، ليذهب السيد المعتمد على عين المكان ويعاين الحالة ويسارع بالبحث عن الملف الذي وجده ملقى في أحد الأدراج، أليس إخفاء ملفها إقصاء لها من منحة قرض تحسين مسكن، أليس هذا فسادا مقننا؟
عندما تفتح ملفات الفساد في الدولة بالمحسوبية، حيث تتم المحاسبة حسب المصالح الحزبية، وبالتالي معاقبة بعض دون بعض، وغض البصر عن فساد البعض. ولعلّ آخرها رفع التجميد عن أموال وممتلكات صهر المخلوع، مروان مبروك، بالاتحاد الأوروبي بطلب من رئيس الكومة، يوسف الشاهد، أليس هذا فسادا مقننا؟
عندما تقدم دولة قطر على إسناد منحة قطرية وبناء مساكن اجتماعية مجانية لمواطنين من جهة الكاف الشمال الغربي للبلاد التونسية بعد الفيضانات. لكن الوزارة باعت المساكن بقيمة 50 مليون تونسي للمواطنين، حيث فاجـأ أحد المواطنين وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية، محمد صالح العرفاوي، أثناء حفل تسليم 50 مسكنا بحي المنجم في ساقية سيدي يوسف التابعة لولاية الكاف، حيث خاطب الوزير "أنتم تتحدثون عن هبة يعني المواطن لم يدفع شيئا، لكن الأمر ليس كذلك، فالمسكن تكلف عليه 50 ألف دينار ".
وبيّن فيديو تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي تشنّج الوزير ووالي الكاف، منور الورتاني، الذي أجاب بطريقة غيرمهذبة "تو اسكت الكلام ياسر ما نحبوهش هذا يتكلم أكثر ما يسم ".
وردّ المواطن على الورتاني "تحبوني نغادر؟، فجأبه العرفاوي "غادر غادر اقصد ربي".
وجاء التصريح أثناء وجود سفير دولة قطر، حيث تم إنجاز هذه المساكن على أثر اتفاقية بين دولة قطر وتونس كانت كلفتها الجملية 1.1 ميلون دولار، وهي عبارة عن هبة من الدوحة أعلنت عنها منذ فترة، أليس هذا فسادا مقننا؟
عندما يتم الإقتطاع من الأجور بغرض وضعها في صندوق خاص بالتنمية، وما الضامن للموظف أن هذا المال المقتطع ذاهب لمستحقيه؟ وهل سيتم الإقتطاع من أجور الحكومة وأعضاء مجلس النواب، لأن المواطن يعيش أزمة عدم ثقة مع الدولة. أليس هذا فسادا مقننا؟
عندما يصبح الإعلام في خدمة الأحزاب وأجندات حزبية ضيقة على حساب جراح وأزمات المواطن البسيط، ووفق أجندات داخلية وأخرى خارجية قذرة، أليس هذا فسادا مقننا؟
وحين تكون المحاسبة حسب الوجوه، والمعاقبة تتم حسب هوى السلطان، أليس هذا فسادا مقننا؟
عندما يتم محاسبة الفرق الصغرى في كرة القدم حتى لمجرد خطأ بسيط ويغض الطرف على الفرق الكبرى، وعندما تميل كفة الحكم في المباريات للفرق الكبرى والغنية على حساب الفرق الصغرى والمحدودة الدخل، أليس هذا فسادا مقننا؟
لقد أصبح الفساد في بلادي مستشري وينهش البلاد والعباد والإقتصاد، وذلك بمعرفة مسبقة من الحكومة. أتعلمون لماذا؟ لأن الثورات عندما تنتصر يتم تصفية وتطهير الإعلام والقضاء، ونحن في تونس تأخرنا بل أفسحنا المجال لهما للعب بالمشهد، حتى الوقوف خلف الثورات المضادة.
72C9A82E-E6AE-4A2E-8BAC-B8DD352326AD
72C9A82E-E6AE-4A2E-8BAC-B8DD352326AD
أحلام رحومة (تونس)
أحلام رحومة (تونس)