السلام أم مزيد من التطبيع؟

ما مضمون حضور المسؤولين الإسرائيليين في مؤتمر وارسو، وغياب الوفد الفلسطيني؟ كيف يمكن قراءة حضور ممثلي بعض الدول العربية كالمغرب والسعودية والامارات والاردن وعمان والبحرين ومصر؟ إذا جاءت فكرة المؤتمر منذ بدايتها مقترحا أميركيا بغرض الضغط على إيران، فلماذا لم يرد إسم إيران في جدول أعمال مؤتمر وارسو؟ هل يمكن اعتبار هذا المؤتمر تثبيتا لما تسمى "صفقة القرن"؟

إختلاق أعداء وهميين كطبيعة مشوهة للسياسات العربية عامة، والخليجية خصوصا، فوضع إيران نقيضا رئيسيا لهذه الدول يعد مدخلا للتطبيع مع الكيان الصهيوني وتتبيث وجوده في منطقة الشرق الاوسط والخضوع للرغبات الأميركية.
لقد نقلت صحيفة الإندبندت البريطانية أن واشنطن تسعى من خلال مؤتمر وارسو، الذي اتفق على تسميته مؤتمر السلام في الشرق الأوسط، للضغط على حلفائها الأوروبيين الانضمام الى المعسكر الذي يضم الولايات المتحدة ودول منطقة الخليج علاوة على إسرائيل".
ماذا تقصد الولايات المتحدة الأميركية بالسلام في الشرق الأوسط؟ ما مضمون هذا المعسكر الذي يضم الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج وإسرائيل؟ ما موقع القضية الفلسطينية من هذا؟ مفهوم السلام كمفهوم زئبقي يتمدد ولا يمكن ضبطه، فالمقصود بالسلام عند أميركا وإسرائيل وممثلي الدول العربية الحاضرة في المؤتمر يختلف عن السلام عند الشعوب العربية عامة، والشعب الفلسطيني خصوصا، إنه عند الجانب الأول تحقيق مصالح أميركا وتثبيت وجود إسرائيل وحماية مصالح الحكام في المنطقة، اما السلام حسب الجانب الثاني فهو تطهير الأراضي الفلسطينية من الكيان الصهيوني المسلط على رقاب الشعب الفلسطيني وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية بالمجتمعات العربية، هذا هو مضمون السلام وهذا هو مقصوده، وكل كلام من غير ذلك فهو مجرد ذر الرماد في الأعين.
ليس من قبيل المصادفة ان تنشر وسائل الإعلام الإسرائيلية مقطع فيديو مسربا عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يظهر فيه ثلاث وزراء خارجية عرب يدافعون بشدة عن إسرائيل، فالدول العربية أبانت على استعدادها للدفاع عن أميركا وإسرائيل، ولو على رقاب شعوبهم، فالجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني، والتي ترتكب في حق الشعبين، اليمني والسوري، تعبر عن انحطاط هذه الدول ووحشيتها، والذل الذي ابتُليت به، فأي سلام يطمحون إليه بعد كل هذه الجرائم البشعة.