حلم ستة عشر عاماً

حلم ستة عشر عاماً

18 فبراير 2019
+ الخط -
يرقد حلمُ ستة عشر عاماً بين يدي الآن، وأخيراً سأعزف سعادتي على أنغام الأيام، بدأت أرى نفسي في وظيفة الأحلام، أفكر في أول راتبٍ: أين سأنفقه؟ على الملابس أم على النزهات؟ وكم سأترك لعائلتي؟ جاء الوقت الذي بإمكانهم الاعتماد عليّ فيه، فالآن لديهم شخص متعلم لديه هويّة معلم، محاسب، مهندس، صحفيّ، محامي، وغيره.
ورديةٌ جميلةٌ بهيةٌ ظننتها، لكن أيقنت أنها حياة كلها صدمات، بدايتها عندما قلّبت طلبات الوظائف على مواقع الإنترنت لأيام حيث كانت شحيحة لا تناسبني ولا توافق مؤهلي العلميّ، هدّأت من روعي بكلمات "لعل الله يخبّئ لنا المسرَّات"، وتحديت نفسي أن أبحث أكثر فأكثر حتى أحقق غايتي.
كانت أياما مشابهةً لبعضها كعاصفة تعلو فيها أمواج البحر وتغرق سفينة نجاتي الوحيدة، وتعصف برياحها راحتي تاركةً كآبةً وإرهاقاً في التفكير: ماذا سأقدم لوالديّ اللذين انتظرا تلك الستة عشر عاماً حتى يناما بعمق مطمئني البال على حالي، آملين أن أخفّف من أعبائهم قليلاً؟ ماذا سأقول لنفسي التي وعدتها بأن أكون شيئأ تفتخر به؟ هل هرمت كثيراً لأدرك معنى جملة طالما رددها لسان الشيوخ "الحياة قاسية ومتعبة"؟ كنت دائماً أضحك وأقول لهم "الحياة حلوة بس نعيشها ونفهمها صح". لكن، للأسف، الآن وافقت الشيوخ في كلامهم، وأيقنت أن حديثي كان شعاراً واهياً لتخدير النفوس، ليس أكثر.
نعم، أنا خريج أبحث عن وظيفةٍ تحفظ ماء وجهي، لا أن أهان حتى أقدم طلباً في أي مكان، حقي أن أعامل باحترام كإنسان، ومن المفترض أن توفر لي الدولة وظيفةً تناسب مؤهلي ولا تجبرني أن أعمل فيما لا أهواه ولا أنتمي إليه.
حقي أن أكوّن حياةً أسوة بالآخرين وأعيش في مجتمع هانئ البال حراً، لا يستعبده أحد أو يقبض على رزقه في أيِّ وقت، أيّ من حقوقنا قد نلنا؟!
من يفكر في هذا الشعب الكادح المناضل الذي يشيخ في كل يوم سنوات، يموت من الحزن والألم والهم، من يرأف بحالنا غير الله؟ من يفكر فينا بصدق؟
ECA71D14-A37D-4715-AC3B-63052C211C87
ECA71D14-A37D-4715-AC3B-63052C211C87
رغد داود (فلسطين)
رغد داود (فلسطين)