بين الحب والمصالحة

بين الحب والمصالحة

15 فبراير 2019
+ الخط -
بالعودة إلى فيلم "عسكر في المعسكر"، وفي ذروه الحب ومع عيد الحب، وعندما اشتعل الحب في محاصيل الذرة، نادى الفنان والكوميدي المصري محمد هنيدي، "الحب ولع في الذره".
انفض سامر اللقاءات الفلسطينية في موسكو بصورة ضاحكة لكل من موسى أبو مرزوق، ممثلاً عن حركة حماس، وعزام الأحمد، ممثلاً عن حركة فتح، إذ أشعلت تلك الصورة الضاحكة للقياديين الفلسطينيين مواقع التواصل الاجتماعي. إذ علق وغرد ونكز الفلسطينيون الصورة، وكأنها الصورة الحميمة لعلاقة متينة وقوية، تؤسس لمرحلة أنّ الصراع أصبح قاب قوسين أو أدنى من الوصول لنهايته.
المشهد الفلسطيني يكتمل يوماً بعد الآخر، ويكتشف الفلسطينيون أنهم هم أنفسهم السبب في الانقسام، وعدم الوصول للمصالحة، طالما أن القيادات الباسمة في وجوه بعضها بعضا، العابسة في وجوه المواطنين، تقف فاتحة أفواهها أمام عدسات الكاميرات، وكأن الانقسام صنيعة الشيطان وليس صنيعتهم.
لم يُراهن كثيراً مواطني الأراضي الفلسطينية على مخرجات اللقاء في موسكو، فهو بمثابة جلسة حوارية دورية سنوية، تتفاكر فيها القيادات الفلسطينية بشأن المستقبل السياسي وتحديات المرحلة والظروف الراهنة والتوقعات والمؤشرات، ويناقشون قشور القضايا ويبتعدون عن جوهرها، في حين تبقى القضايا الجوهرية حبيسة المواقف الدولية والإقليمية التي تؤشر على نجاح المصالحة الفلسطينية أو فشلها، فقد أصبحت المصالحة مرهونة بتلك المواقف الدولية، وليس بالتوجهات الحقيقية لمعاناه الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية، فاللقاءات الفلسطينية تتواصل، والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة أيضا يتواصل، وسلب الأراضي لصالح المستوطنات في الضفة الغربية يتواصل، وتهويد الأقصى والمدينة المقدسة يتواصل، واللاعبون الإقليميون في القضية الفلسطينية من عرب وعجم أيضا يواصلون اللعب على ألم ومتاعب ومتاهة الشعب الفلسطيني، ولا ننسى أنّ الضحكات وتراشق الابتسامات، أيضا، يتواصل.
على ماذا تضحكون؟ على عائلة الشهيد شلبي التي فقدت ابنها في أثناء مشاركته في مسيرات العودة، أم تضحكون على قبر والدة الأسير، فارس بارود، الذي رفض الاحتلال الإسرائيلي تسليم جثمانه لأهلة بعدما استشهد في السجن، أم تضحكون على من قُطعت رواتبهم وتم تهديد أمنهم الاجتماعي في القطاع.
نحن على أعتاب يوم الحب أو عيد الحب، وغزة تُعاني من نفاذ كميات الحب في مخازنها، وتبدلت الورود الحمراء للون آخر، وغابت الدببة وحضرت القطط السمان، وتلوح في الأفق الذكرى السنوية الأولى لمسيرات العودة، ولا زال القطاع تحت الحصار، ولا زال الانقسام ينخر في الجسم الوطني الفلسطيني، ولا زال أمامنا فرصة جديدة لالتقاط مزيد من الصور الضاحكة التي تُعبّر عن مدى حبنا بعضنا بعضا أمام الكاميرات.
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)