عمرو موسى وشعبولا

عمرو موسى وشعبولا

14 فبراير 2019

عمرو موسى وشعبان عبد الرحيم

+ الخط -
تلك الصورة المعبرة جدا عن الاستهبال من الطرفين، عمرو موسى غامزا بمشروع ابتسامة دبلوماسية لم تكتمل لضحكةٍ وهو يهدي شعبولا آخر مؤلفاته، وشعبولا وهو شبه جادٍّ يقترب من الكتاب لاثما. موسى يستظرف، وهو يعرف أن شعبان لا يقرأ، وإن قرأ فلا يقرأ رحلة عمرو موسي، وشعبان أيضا يستهبل، فهو يعرف أن اللثم في الكتب لا يتم إلا لكتاب الله، ولكنها المرحلة المقطرنة بقطران التي جعلت وزيرا للخارجية في حاجةٍ ماسّةٍ للتظارف والاستظراف مع مطرب شعبي، وعلّها أيضا "وقفة الحال" التي جعلت شعبولا يقف هذا الموقف الجاد نظرا "لشح الأبيض" بعد ذهاب الإخوة العرب إلى بلدانٍ أخري في شهور الصيف.
لكن اللقطة أيضا صالحةٌ للتأويل، وخصوصا بعد تصريحات عمرو موسى أخيرا عن أحقيّة الرئاسة ومجلس النواب في تغيير مواد الدستور، وهو واضع لبناته ومهندسه والمدافع عنه ضد الهجمات في كل تصريحات السنوات الأربع الماضية، فما الذي جعل الرجل يتغيّر بزاوية 180 درجة، هكذا في يومين؟ سؤال بالطبع شائك، وإن كانت الصورة أجابت عنه بكل يسر وسهولة في ظني البسيط، حتى قبل الإعلان عن تغيير الدستور، فالرجل الذي قرّر من شهرين أنه اعتزل السياسة والترشح لأي مناصب رئاسية، كان يلمّح لما سيقوله الآن بغير مواربة، وإن ابتعد الحقلان، ولكن الحكاية هي بعينها، فالرموز توسّع الطريق بالكامل للآتي، ويذكّرني الأمر بمقولة أحمد شفيق أيضا باعتزاله السياسة، وكان "ناقص" يقول للعشرين نفرا من حوله "وهاتولي كمان قفل المقر أرسله للسيسي كي ينطلق إلى باقي مشاريعه الكبرى". نحن أمام تأميم الحياة السياسية والحزبية من أجل شخص واحد ووحيد. تبقى دلالة الصورة.
شعبولا ومعه عمرو موسى، وهو يلثم آخر المؤلفات، فهل سوف يبحث شعبولا عن "الأبيض" في الإمارات رأسا، أم سوف يشق طريقه إلى الرياض، وقد سبقته مطرباتٌ أجنبياتٌ كاسياتٌ عارياتٌ، وقد وافق مفتي السعودية على جمال الزيارة وباركها.. ويا حبذا لو بعد صلاة العشاء، فهل حلالٌ على الأجانب وحرام على شعبولا، الرجل الخالي من الفتن للسيدات المصونات والشباب أيضا؟ بالطبع هذا أمر هيّن، وسيتكفل به تركي آل الشيخ، حتى وإن لم يكتب لشعبولا كلمات الأغنية، نظرا لمشاغله الوظيفية الجديدة.
أما المشكلة التي ما زالت متعلقة بالصورة، فهي كيف يعوّض عمرو موسى عن تغيير مواقفه هكذا بسهولة؟ العلم عند الله، ولعلّ الأيام القليلة المقبلة ستعلن عنها، وخصوصا أن علي عبد العال أصبح حالةً وأداءً برلمانيّا لا يسر عدوا ولا حبيبا، فهل يمكن أن يكون عمرو موسى اقترب من كرسي البرلمان المقبل الذي قد تنتهي مهام رئيس دولته في سنة 2034؟ وهذا بالطبع في عمر الأمم بالشيء البسيط جدا.
نعم، الصورة ليست قاتمة، خصوصا أن نخل السيسي بدأ يثمر رطبا، وكرافتة عمرو موسى ازادت شياكةً، وشعبولا تخلى عن شخاليله وألحفته وغوايشه وارتدى بدلة.
نعم، نحن في مرحلة جديدة جدا، مرحلة لا يستهان بها. مرحلة وصلت فيها إنجازات الرئيس إلى عدد سكان قطر، والدولار الأميركي بأربعة جنيهات مصرية "وإن رضينا كمان".
نحن نعيش فترة من الضحك الذي يشبه البكاء تماما. تمثل الصورة (صورة عمرو موسى وكتابه في حضرة شعبولا) جزءا كبيرا من هذا الضحك المرّ جدا، ضحكٌ لزوم التستُّر على البكاء والقتل خارج القانون، في كل يوم أو أسبوع تقريبا، ضحكٌ يغطّي على الإعدامات والمشانق المنصوبة لمائة مليون هم كما يصفهم الرئيس "نور عينيه".
ضحك أعلى مرارة من البكاء، حينما تعلن السيدة وزيرة الهجرة المصرية من شهر: "نحن نقدم لكل المصريين العاملين في الخارج ترحيبا بعودتهم إلى مصر"، وبعد أربعة أسابيع، وفي يوم واحد، تُلقي الشرطة المصرية القبض على أربع عصاباتٍ لتهريب العمالة إلى أوروبا.
اكتب، يا إسلام خليل، تلك الواقعة لعمك شعبان في شكل أغنيةٍ تغني ترحيبا بتنصيب عمرو موسى رئيسا لمجلس الشعب. وبالمرّة أيضا يا إسلام (واحدة أيضا) لعمك علي عبد العال، لأن نسيان الأصول عيب.