04 مارس 2024
فاطمة وعيناها المطفأتان
فاطمة وعيناها المطفأتان
جريمةٌ لا يمكن وصفها إلا بالوحشية هزّت الشارع الأردني. ضحيتها أم وزوجة شابة مغلوب على أمرها. كل ذنبها في الحياة أنها عضت على جراحها الكثيرة كرمى لأولادها. تحمّلت ظلم زوجها وبطشه، وهو ابن عمها، عبر سنوات من القهر والذل والتعنيف المستمر، يقدم عليه أبو العيال النزق العصبي الذي أذاقها المر، محميّا بالأعراف والفكر الذكوري العفن. وصفت الضحية فاطمة التي تبلغ السابعة والثلاثين، في لقاء متلفز، حياتها معه بالحرب المستمرة، كرّا وفرّا، تخللها بصفة دائمة الضرب المبرّح والإهانة والتجريح. أفادت بأنها حاولت، مرّة، التقدّم بدعوى طلاق ونفقة، لكنها لم تتمكّن من المضي في القضية، بسبب تدخل الوسطاء، وتعهّده بعدم تكرار الإساءة.
تراجعت فاطمة عن القضية، وعادت صاغرة إلى حياتها الذليلة، غير مدركةٍ أنه يُضمر لها الغدر انتقاما. وتصف الضحية تفاصيل الجريمة بصوتٍ منكسرٍ حزينٍ مقهور، وهي في حالة الصدمة، قائلة إنه هدّدها بسكينٍ ووضعها أمام خيارين: أن يذبحها أمام أولادها أو يذبح أولادها أمام ناظريها لتعيش بحسرتهم ما تبقى من عمرها. بطبيعة الحال، ذهبت إلى الخيار الأول، تضحيةً بنفسها وإنقاذا لصغارها. ولولا مقاومتها اليائسة، وحلاوة الروح التي دبّت فيها كان ينوي، بل حاول، قطع لسانها، لأنها تجرأت على القول إنها لا ترغب في الاستمرار في الزواج. أغلق الباب، بعد أن أخرج الأولاد وقد سلم كبيرهم السكين، وأخبرها أنه لا يريد قتلها، بل سوف يتسبب لها بإعاقة دائمة، ففقأ عينيها الاثنتين، غير مستجيبٍ لتوسلاتها بإبقاء إحدى العينين كي تتمكن من رؤية صغارها يكبرون.
ويُستنتج من حديثها إلى وسائل الإعلام، وكذلك إفادتها أمام الجهات الأمنية، أن المجرم الوحش قد بيّت النية على إلحاق الأذى بها عن سابق إصرار وتصميم. وكان في كامل قواه العقلية، عندما نفذ جريمته البشعة، ما يستدعي تغليظ العقوبة إلى أقصى حد ممكن. وقد أسند له المدّعي العام جناية إحداث عاهة مكرّرة مرتين، قد تصل عقوبتها إلى الحبس مع الأشغال الشاقة مدة 15 عاما. المطمئن أن فاطمة وعائلتها مصمّمتان على الاقتصاص من السفاح.
حكاية مفجعة حزينة، جرت فصولها في مدينة جرش الأردنية، تؤكد على واقع المرأة في بعض المجتمعات المحكومة بالمنطق العشائري الذي يصنّف الادعاء على الزوج، مهما بلغ طغيانه، بالسلوك المعيب الذي لا تُقدم عليه المرأة المستورة بنت الأصول، حتى لو وصل الأمر إلى قتلها أو فقء عينيها في أقل تقدير (!). الآن، وبعد حدوث المأساة المروّعة، تنصح الضحية الضريرة النساء المعنفات بالتقدّم بالشكوى، وملاحقة الرجل النذل الذي يسمح لنفسه بالاعتداء على امرأة.
يسترعي الانتباه في التغطية الإعلامية تصريحات الشقيق الذي ظهر غاضبا مقهورا حزينا، حين قال "الخلافات الزوجية تحدث في كل البيوت، وإذا غضبت من زوجتك اضربها كفّين، أو اكسر يدها. أما أن يصل الأمر إلى فقء عينيها فهذا كثير". وهنا بالضبط جوهرالمأزق الذي تعيشه مجتمعاتنا المريضة، حين يكون مقبولا من حيث المبدأ، وفق المنطق الذكوري البائس، توجيه الإهانة والضرب غير المبرّح حلا للخلاف أو وسيلة مبرّرة عرفا لتأديب الزوجة. هنا علينا أن نقرأ السلام على أي أمل بخلاص المرأة من كل أشكال الاضطهاد والقمع والظلم والاستقواء، ومن حرمانها من أبسط حقوقها الإنسانية، والنظر إليها ناقصة عقل ودين، وضلعا أعوج يحتاج إلى تقويم.
ويُستنتج من حديثها إلى وسائل الإعلام، وكذلك إفادتها أمام الجهات الأمنية، أن المجرم الوحش قد بيّت النية على إلحاق الأذى بها عن سابق إصرار وتصميم. وكان في كامل قواه العقلية، عندما نفذ جريمته البشعة، ما يستدعي تغليظ العقوبة إلى أقصى حد ممكن. وقد أسند له المدّعي العام جناية إحداث عاهة مكرّرة مرتين، قد تصل عقوبتها إلى الحبس مع الأشغال الشاقة مدة 15 عاما. المطمئن أن فاطمة وعائلتها مصمّمتان على الاقتصاص من السفاح.
حكاية مفجعة حزينة، جرت فصولها في مدينة جرش الأردنية، تؤكد على واقع المرأة في بعض المجتمعات المحكومة بالمنطق العشائري الذي يصنّف الادعاء على الزوج، مهما بلغ طغيانه، بالسلوك المعيب الذي لا تُقدم عليه المرأة المستورة بنت الأصول، حتى لو وصل الأمر إلى قتلها أو فقء عينيها في أقل تقدير (!). الآن، وبعد حدوث المأساة المروّعة، تنصح الضحية الضريرة النساء المعنفات بالتقدّم بالشكوى، وملاحقة الرجل النذل الذي يسمح لنفسه بالاعتداء على امرأة.
يسترعي الانتباه في التغطية الإعلامية تصريحات الشقيق الذي ظهر غاضبا مقهورا حزينا، حين قال "الخلافات الزوجية تحدث في كل البيوت، وإذا غضبت من زوجتك اضربها كفّين، أو اكسر يدها. أما أن يصل الأمر إلى فقء عينيها فهذا كثير". وهنا بالضبط جوهرالمأزق الذي تعيشه مجتمعاتنا المريضة، حين يكون مقبولا من حيث المبدأ، وفق المنطق الذكوري البائس، توجيه الإهانة والضرب غير المبرّح حلا للخلاف أو وسيلة مبرّرة عرفا لتأديب الزوجة. هنا علينا أن نقرأ السلام على أي أمل بخلاص المرأة من كل أشكال الاضطهاد والقمع والظلم والاستقواء، ومن حرمانها من أبسط حقوقها الإنسانية، والنظر إليها ناقصة عقل ودين، وضلعا أعوج يحتاج إلى تقويم.