مُنحنيات الثورة وهزيمة الديمقراطية

مُنحنيات الثورة وهزيمة الديمقراطية

04 يناير 2019
+ الخط -
يُمثل قرار المحكمة الدستورية العليا الفلسطينية حل المجلس التشريعي تمهيداً حقيقياً لفرض وقائع الانفصال بين الضفة الغربية والقدس الشرقية وبين قطاع غزة، وهذا ما يُمهد لإجراء الانتخابات خلال ست أشهر في الضفة والقدس من دون غزة، في حال تعنّت حركة حماس، وحال رفضت تمكين حكومة الوفاق الوطني من عملها داخل القطاع، وعدم رغبتها في المشاركة بالانتخابات القادمة.
أصبح المجلس التشريعي منذ الإعلان عن حله ضربا من الماضي، ويجب العمل والاستعداد للمرحلة المقبلة، فما عهدناه من الرئيس، محمود عباس، هو الصدق في تنفيذ قراراته، وعدم التراجع عنها، وما سبق من فرض إجراءات عقابية، وعقد المجلس الوطني وتجديد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وتجديد اللجنة المركزية لحركة فتح، يدل على الرغم من الرفض الفلسطيني، حيث قام بذلك كله متحدياً الجميع.
ليس التخوف الحقيقي الآن في حل المجلس التشريعي، بل هو الإعلان عن قطاع غزة إقليماً متمرّداً بعد أن نزع شرعية المجلس التشريعي، واستفرد بالحكم لتهيئة الظروف الدولية والعربية لمزيد من العقوبات تجاه غزة، وهو ما يعزّز التفرد الإسرائيلي ضد القطاع، في حال اندلاع المواجهة. لذا يجب أن تكون هناك خطة فصائلية وشعبية في غزة، لرفض الانتخابات في ظلّ الانقسام، والتي (الانتخابات) قد تعزّز الانفصال، والعمل على عقد لقاءات فلسطينية لفصائل غزة، من أجل تطويق الموقف، ورهن الانتخابات بضماناتٍ عربية ودولية على إنهاء الانقسام والحفاظ على النظام السياسي الفلسطيني، وأن تتم تلك الانتخابات متزامنة ما بين الرئاسة والتشريعي.
يُعد قرار المحكمة الدستورية مُلزماً، لكنه بمثابة هزيمة للديمقراطية التي فشل النظام السياسي الفلسطيني في الحفاظ على أهم مكوناتها، وهي تؤّسس لحالة جديدة، تكون فيها الكلمة للديكتاتورية والعصبية والمصالح الحزبية، على حساب إنجازات الانتخابات التي يقرّر فيها الشعب من يحكمه، تلك الخطوة التي رافقت حل المجلس التشريعي، كان لا بد أن تتبعها خطوة بحل السلطة الفلسطينية، والتنصل من اتفاق أوسلو والإعلان عن تطبيق قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، من خلال رزمة من القرارات الوطنية، تُعيد لمنظمة التحرير الفلسطينية هيبتها وقوتها، على أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
لقد أٌصيبت الثورة وأنظمتها السياسية بحالةٍ من الركود، وتمر بمنحنيات وتعرجات ومحطات تاريخية، فهزيمة الديمقراطية الفلسطينية من خلال تنحية النظام التشريعي الفلسطيني جانباً يفتح الباب أمام تسلط السلطة التنفيذية في الحكم بقوة الدكتاتورية، وعدم منح الأغلبية المطلقة في المجتمع الفلسطيني صوتاً تمثيلاً في نظام الحكم، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.
لا بواكي على المجلس التشريعي الذي ساهم في الانقسام وعزّزه، ولكن البواكي على هامش الديمقراطية والحرية التي تم انتزاعها واغتصابها، من أحضان الشعب، فمن جاء به الشعب عبر صناديق الاقتراع لا بد أن يذهب أيضا من خلال بدائل عنه عبر صناديق الاقتراع.
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)