ثورة الـ800 عفريت في مصر

ثورة الـ800 عفريت في مصر

03 يناير 2019
+ الخط -
سيحكي التاريخ، بصوت وسيم السيسي، على أسطوانة مدمجة ومرفق بها بردية، أن هناك 800 عفريت جاءوا من بوابة مصر الشرقية، كل عفريتٍ منهم مسلح بآخر ما ورثوه من عتادٍ وعدة. وكانت فصائل دمهم جميعا تشير إلى أنه دم هكسوسي. وأغلبهم كانوا من المحاربين القدماء، علاوة على قطّاع الطرق وقبائل الشرق البدوية المعتادة من النهّابين للقمح والماشية، التي دائما تحقد على عَمار مصر وخُضرتها ونوّارها ونيلها وطيب عيشها وبساطة أهلها وكرمهم الشديد مع الضيف، وكان الملك على أيامها مكنى أبو علاء، مدحا وتدليلا له، وثقة بذمته المالية، وخفة دمه المتناهية، والتي أضحكت الشجر والحجر والدواب. 
وحينما دخلت العفاريت أرض مصر بليل، كان الملك أبو علاء قد عاد فجرا من جولاته الإصلاحية المعتادة في منطقتي مصر القديمة وسور مَجْرى العيون، ثم استقلّ مركبا صغيرا في النيل، من دون أن يركب معه الحرس، كي يلاقي أول أشعة الشمس، كأسلافه من ملوك مصر العظماء. ولم ينس بالطبع، كما علمه الحكماء، أن يغسل شعر الملكة أم علاء من ذهب شمس مصر، وندى ما بعد الفجر. ولم ينس بالطبع أن يشبك بجوار خدّها زهرة اللوتس تحت طيّة الشعر بدبوسٍ من عقيق، ثم توجه إلى الإله بالشكر والعرفان، ودعا لمصر وشعبها بالخصب والعمار.
وهنا بدأ الكهنة على البرّين الشرقي والغربي يردّدان دعواته نفسها، وكان الـ 90 مليونا من أبناء شعبه في نوم هانئ، حتى أصحاب عربات الفول والبليلة ومحلات الكشري وعمّال البناء أيضا.
كانت مصر فارغةً تماما إلا من ميلات الزهور والورد والنخيل وأفرع شجر السيسبان، ودخل الـ800 عفريت في جنح الليل، فتسلقوا أسوار الميادين حتى سور القلعة، وحاصروا أقسام الشرطة ومباني أمن الدولة، وملأوا ميدان التحرير بأقوامٍ من فقراء العُربان وإثيوبيا والسودان والغجر والنور ولصوص الملابس وصانعي السكاكين وجامعي النَّوى والبلاستيك ومُرقصي القرود وبائعي الزواحف والثعابين والحمام، حتى امتلأ بهم الميدان عن آخره، فهجموا على محلات كنتاكي، فأفرغوا كل لحومها في الميدان، فأكلوا وشبعوا. وكان كل عفريت من الـ800 قد مسخ نفسه إلى شيء آخر، بحيث لا يعرفه العفريت الذي جاء معه من الشرق، فما بالك بمن تم استحضارهم إلى الميدان بقواهم الخارقة.
وتلك العفاريت، كما أثبتت الدراسات الأميركية ومعامل البحوث المتقدمة، هم بقية من إرث الملك سليمان، والذي ما زالت بقيتهم تحمي الهيكل. والغريب أن هؤلاء الغرباء مع العفاريت في ميدان التحرير شغّلوا أغانيَ بصوت شادية وعزة بلبع وأحمد فؤاد نجم والشيخ إمام والسيدة أم كلثوم. ورسموا على الحوائط، ومثّلوا وبكوا وصلوا. والأكثر غرابة أيضا في هؤلاء العفاريت الـ 800 أنهم كانوا يطلقون الرصاص على الجماهير المحتشدة من فوق أسطح المنازل. وكانوا يسهرون بالدولارات الأميركاني في "سميراميس" و"هيلتون" و"شيراتون"، بعد أن يكونوا بالطبع قد تخلّوا عن هيئة العفاريت الخاصة، ولبسوا الثياب الفاخرة والخواتم. بعد ذلك طاروا جميعا إلى السماء، وقد تركوا الجماهير المسكينة في الميدان وحدهم، حتى تعطّف الملك العادل (أبو علاء) على تعبهم وعذابهم، فترك السلطة راضيا مرضيا، واكتفى ببيتٍ صغيرٍ في طرف مدينة طيبة، ليس فيه من متاع الدنيا سوى نخلةٍ وأوزتين وصومعة إلى حدود نصفها من تمر البلاد وبلاص به ماء.
هنا انبرى فلاحٌ فصيحٌ من الجمع، كما قال وسيم السيسي، في أثره، وسأل السيد وسيم السيسي عن 528 مليون يورو ما زالت في حساب بنكي باسم الملك (أبو علاء) في دولةٍ تُدعى سويسرا، تشتهر بصناعة الساعات فائقة الجودة وعالية السعر. وما زالت البنوك والاتحاد الأوروبي إلى هذه الساعة بعد تجميدها أو فك تجميدها يتساءلون عن شرعية ردّها لحسني مبارك أو ردها للشعب. وقال الفلاح للسيد وسيم: كيف لموظف عام أن يمتلك كل هذا المبلغ الذي يكفي لبناء ألف مدرسة مجهزة تجهيزا علميا بالتليسكوبات والأحماض والمعامل والكاميرات والأفلام؟ وكان ذلك السؤال الصعب نقطة ضعف البردية الوحيدة من ناحية المنطق، إلا أن السيد وسيم السيسي رد على الفلاح الفصيح بقول قاطع وبليغ: حاسبوني فقط على المادة التاريخية للبردية فقط. أما المسائل البنكية، وما غير ذلك من مراقبات دولية لحركة رأس مال البنوك، فهذا ليس من اختصاصي، بل من اختصاص البنوك وأهل الدراية.