سيادة اليمن وأجندات التحالف

سيادة اليمن وأجندات التحالف

10 سبتمبر 2018
+ الخط -
ليست الشرعية مجرد مزاج سياسي وسلطة وجاه، ولا شخصية وصنم نعبده، بل هي قيمة ومبدأ ومشروع ننشده، هي نتاج لثورة شعب وتحوّل موعود وتغيير لمستقبل منشود، هي مخرجات الحوار والدولة الاتحادية الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة، هي المخرج من معمعة العنف والصراعات السلبية، من وهم النصر على الآخر ومسلسل الانتقام والثارات وتصفية الخلافات التي تزيد من حجم التراكمات، وتعيق مسار التغيير والتنمية والنهضة.
هي أيضا، الانتقال إلى المستقبل، كي نتجاوز ماضينا المأساوي، وحاضرنا المؤلم، لنتعايش في وطن يجمعنا بكل فئاتنا ومشارفنا الفكرية، هي الصيغة المثلى لتجاوز العنف والمليشيات المنفلتة من عقالها والنفوذ والفساد السياسي والاقتصادي والثقافي.
هي مشروع فخامة الرئيس الذي ينظر إلى الجميع باعتبارهم شركاء في مختلف توجهاتهم ومشاريعهم، ليكونوا ضمن هذا التنوع الرائع والتكاتف المثمر لبناء الدولة الضامنة والنظام والقانون، للخلاص من الاستبداد والهيمنة والنفوذ.
هو مشروع الجميع، بين يمين ويسار، رأسمالي واشتراكي، ديني وليبرالي. مشروع الدولة المدنية الاتحادية الضامنة للمواطنة، انخرط الجميع فيه.
على من يعتقد أنّ الحل في العودة إلى الماضي القبول بالعدالة الانتقالية، وتقييم علمي عادل وشفاف لمنعطفات الصراع منذ الاستقلال، وفتح جروح الماضي، لمعالجتها وتتبع أسبابها ودواعيها، للخروج الآمن من حالة الانتقام والثارات والضغائن، عدالة انتقالية تنصف الضحايا وتدين المتسببّين وتحدّد المعالجات بدقة متناهيه لترضي جميع الأطراف.
مخطئ من يعتقد أنه قد حسم أمره، وحكم أنه ضحية وغيره مذنب، من دون بحث وتحرّ في الحقائق الدامغة وبعلمية، مقرّرا استعادة ماضيه كمنتقم، هو فيه مهيمن، هو الحاكم والناهي، والآخرون مجرّد مجرمين، عليهم أن يكفروا عن خطاياهم بالخنوع والاستسلام، وأنه امتلك القوة التي تمكّنه من ذلك، وتمكّنه من تجريد الناس من هويتهم وقيمهم ومبادئهم، ليفرض عليهم مشروعه الانتقامي، إذ اجتمعت المصالح بين الطامعين في الداخل والخارج، هناك من يريد عودة الماضي وحكم الماضي وأدوات الماضي بمشاريع حق يراد بها باطل.
ولمواجهة مشروع الرئيس، برزت إلى السطح في اليمن تلك المشاريع والكيان المولود كهجين من بقايا علي عبدالله صالح، والمتضررين منه، بتمويل إماراتي، إذ بدأ هذا الكيان يستقبل كل المقالين والمحالين إلى التحقيق أو المحاسبة، لم نسمع أحداً منهم قدّم براءة ذمة، وسلّم ما عليه من عهدة، وهم بذلك مدانون اليوم أو غدا، تحميهم مليشيا منفلتة، وكيانات عسكرية لا علاقة لها بالدولة، لا تعمل تحت سلطة الشرعية، بل هي معيق أساسي لترسيخ الدولة ومؤسساتها وأداء مهمتها في المناطق المحرّرة، وضبط إيقاع الحياة فيها، وتشغيل وتفعيل المؤسسات الإرادية واستخلاص إيرادات الدولة لتأسيس موازنة عامة للدولة تفي بمستحقات الناس من رواتب وتنمية ومشاريع خدمية وإنسانية ووطنية لتقوية سلطة هذه الدولة أمام حلفائها من التحالف.
المؤامرة مدعومة ومستمرة فوق قدرات الشرعية وتوقعاتها، تحوّل بعضهم إلى أدوات بيد الطامعين بالبلد، أدوات انهيار وسقوط ومعاناة، تستنزف إيرادات الدولة والعملة، مؤسسات أمنية مغرمة بعملة التحالف، وحكومة تستلم بالعملة الصعبة من التحالف في حرب معلنة على العملة المحلية، والتخلي عن دعمها، ولست مقتنعاً أن التحالف لا يستطيع دعم اقتصاد البلد وعملته المحلية.
بعد أن انكشفت حقائق وأجندات كثيرة، الشرعية والحكومة أمام تحدّ جسيم، وهي تحتاج غطاءً شعبيا وجماهيريا يضغط معها لترسيخ مؤسسات الدولة واستعادة المؤسسات الإرادية والدخل القومي في تصدير النفط والغاز من دون تدخل التحالف والتحكم بالمنافذ لضبط حركة التجارة والإيرادات وإعداد موازنة، وتنظيم حركة المال والرواتب بالعملة المحلية، وتصحيح الاختلالات في ذلك، نريد دولة للنظام والقانون، دولة للشعب الذي يصرخ اليوم، بكل قوة، رافضا التجاوزات السافرة لانتهاك السيادة وإعاقة الحياة العامة والمعيشية، ويرفض أي أدواتٍ كانت داخل الشرعية أو خارجية تتنازل عن السيادة.
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
أحمد ناصر حميدان (اليمن)
أحمد ناصر حميدان (اليمن)