اللاءات الفلسطينية الثلاث

اللاءات الفلسطينية الثلاث

09 سبتمبر 2018
+ الخط -
لا يُمكن أن تبقى الحالة الفلسطينية كما هي الآن، لا بد من البحث عن مخرج للمأزق التمثيلي للفلسطينيين في الداخل والخارج. هناك برنامجان سياسيان متناحران يتحكّمان بتفاصيل القضية الفلسطينية، يؤمن الأول بالوصول إلى تحقيق حلم الدولة الفلسطينية بالمفاوضات، والثاني يؤمن بالوصول لتحقيق حلم الدولة الفلسطينية والتحرير من خلال المقاومة، والشعب ينتظر.
تشهد حلبة الصراع السياسي الفلسطيني، هذه الأيام، صراعات مُكثفة من أجل حسم المواقف بالضربة القاضية. يتبنّى أحدهما رؤية المصالحة للوصول إلى أهدافه المنشودة من خلال تنفيذها وتطبيقها في الواقع، وهي بمثابة الرصاصة الأخيرة في جعبته من أجل تمكينه من فرض عضلاته السياسية من جديد على قطاع غزة. وويتبنّى الآخررؤية التهدئة الشاملة، من أجل تنفيذ مشاريع إغاثية وإنسانية، تساهم في تخفيف الأعباء الاقتصادية عن سكان القطاع، وهي تُمثل له الرصاصة الاحتياطية التي يُلوّح بها ويُهدّد بها منافسيه. يستعين اللاعبان الرئيسان بالحَكم المصري شاهدا على صراعهم، معركة طاحنة تدور بين اللاعبين من الفريق نفسه، في حين أنّ العدو الحقيقي ينتظر خارج الحلبة في انتظار المنتصر من المعركة، كي ينفرد به في مواجهه مباشرة وحاسمة تقصم ظهره، ويعود بتفكيره ويُحدث نفسه قائلاً "لقد اُكلت يوم أكل الثور الأبيض".
تكمن المشكلة الآن في لاءات ثلاث تُسيطر على طبيعة المرحلة التي نعيشها الآن، وتتمثل في:
أولا: لا للتهدئة، فأخيرا وجهت مصر صفعة قوية لجهود حركة حماس في تبنّي التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال تأجيل الحديث عن التهدئة، وفقاً لرؤية "حماس" وفصائل المقاومة في قطاع غزة، حيث عادت كرة اللهب والتوتر إلى الشارع الفلسطيني مجدّداً بعد زيارة وفد من المخابرات المصرية رام الله الأسبوع المنصرم، وأفضى اللقاء عن تأجيل لقاءات التهدئة ووقف مصيرها حتى إشعار آخر بعد تبادل عدّة أوراق ما بين حركتي فتح وحماس، بهدف بلورة موقف موحد ومشترك تجاه أهداف التهدئة ومبادئها ومطالبها، إلا أنّ الفشل كان محتوماً ومصيرياً لمستقبل تلك الأوراق التي فشلت في التوصل إلى مسودة اتفاق يُعقد مع الاحتلال الإسرائيلي، ويُمهد لتنفيذ بنود تلك التهدئة، والتي رأى بعضهم أنّ أي تهدئة مع الاحتلال، من دون التوصل إلى مصالحة حقيقية بين حركتي فتح وحماس، يأتي في باب الخيانة الوطنية، والالتفاف على منظمة التحرير الفلسطينية.
ثانيا: لا مصالحة، فبعد فشل حوارات التهدئة أخيرا، أعادت حركة فتح، وكذا والوسيط المصري، حركة حماس وفصائل المقاومة في قطاع غزة إلى مربع المصالحة، والبحث في آليات تنفيذ اتفاق القاهرة (أكتوبر/ تشرين الأول 2017) وتطبيقه، الاتفاق الذي ترى فيه "حماس" أنه واجه عقبات وصعوبات كبيرة وكثيرة في أثناء عملية التنفيذ، وأنها ساهمت في المحاولات الجادة لتنفيذه من خلال تسليم المعابر وتسليم الجباية فيها، لكن مُعيقات التمكين وتفجير موكب رئيس الوزراء هو ما أغلق باب نجاح تلك المصالحة، ولا زال طرفا الانقسام يُراهنون على الوقت، وعلى المُتغيّر الدولي والعربي والفلسطيني لإحداث اختراق جديد في أزمة الثقة بين حركتي فتح وحماس، وصدق نياتهم في إنهاء الانقسام، في انتظار زيارة وفد من حركة فتح القاهرة لتحريك عجلة الفرصة الأخيرة لملف المصالحة.
ثالثا: لا للحرب، ففي ظلّ عدم التوصل إلى اتفاق تهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، أو التوصل إلى اتفاق مصالحة جديد، فإن خيار الحرب مع الاحتلال الإسرائيلي مُستبعد الآن، لأن القيادة السياسية للاحتلال الإسرائيلي لا تُريد أن تُجازف بمستقبلها السياسي، قبل موعد الانتخابات الإسرائيلية، والتي باتت على الأبواب، كما أنّ الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى استكمال بناء الجدار الإسمنتي على حدود قطاع غزة، لوقف خطر الأنفاق وتحييدها في الحرب المقبلة مع المقاومة الفلسطينية.
يوماً بعد آخر، تنعدم الفرص المتاحة أمام القيادات الفلسطينية، من أجل التوافق على برنامج يُنهي معاناة سكان قطاع غزة. وتنعدم الفرص أكثر في ظل استمرار حالة الانقسام، وتزداد المعاناة، عندما يتم إغلاق المعابر التجارية والحدودية مع القطاع، وتُصبح الحياة فيه مُستحيلة، عندما تستمر هذه الحالة كما هي، من دون إحداث التغيير الحقيقي، من أجل الحفاظ على الثوابت الوطنية الفلسطينية التي يتم إلغاؤها الواحد تلو الآخر، والشعب ينتظر أيهما يُوقع اتفاق التهدئة أو المصالحة: حماس أم منظمة التحرير؟
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)