العراق بين الأمس واليوم

العراق بين الأمس واليوم

20 سبتمبر 2018
+ الخط -
على مدى تاريخه الضارب بالقدم، ظلّ العراق منارة للعلم والأدب والثقافة والفنون، وقدّم للعالمَ الحضارات بكلّ تنوعها حتى ملأت أسماعه وعقوله، بابتكار أبناء الرافدين الكلمة، واضعين الإنسانية على أولى عتبات العلم والمعرفة، إذ خرج من البصرة الفيحاء علم النحو بمذاهبه المتعدّدة. ومن الكوفة، ثغر العرب، خرج الفقه وعلم الأنساب، إلى جانب براعتها في تفسير القرآن، واستعادتها التراث الشعري العربي، لتزدهر الحركة العلمية في المدينتين، وتنتشر من خلالهما الدراسات اللغوية والأدبية والدينية والفلسفة في باقي مدن العالم الإسلامي.
حتى إنّ بغداد حاضرة الخلافة الإسلامية، ذات المكانة العظيمة، والتي كانت أهم مراكز العلم على تنوّعه في العالم وملتقى للعلماء والدارسين عدّة قرون، ورثت عن هاتين المدينتين (البصرة والكوفة) كلّ خطوط الثقافة، لتشكل هذه المدن الثلاث قلب العراق، الذي سبق وحوى أولى المراكز الحضارية في العالم التي تشكّلت على ضفتي نهري دجلة والفرات وهي حضارة سومر، التي امتدت حدودها إلى سورية وبلاد فارس وإلى منطقة جنوب شرق الأناضول (تركيا) حالياً، كما وجدت آثار سومرية في الكويت والبحرين، والأحواز العربية السليبة، كما كان لبلاد الرافدين انفتاح واتصال بالحضارات القديمة في كل من مصر والهند.
أما عراق اليوم، فمع الغزو الأميركي عام 2003 بدأ مشروع تفكك الدولة العراقية، والذي بانت ملامحه، عندما أعلن نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، مشروع تقسيم للوطن أرضاً وشعباً، وهو ما تحقّق عملياً على الأرض عبر أدواته (الغزو) المتعدّدة، التي جاء على ظهر دباباته من تيارات سياسية وشخصيات عديدة، لا تحمل مشروع بناء أمة، إذ لعبت دوراً محترفا في إذكاء التوترات والصراعات الداخلية عن درايةٍ وقصد، خدمة للمشروع الذي جاءوا معه، حتى بلغ العراق مرحلة انهيار غير مسبوق. وبالتالي، أصبح دولة فاشلة على الصعد كافة، تضربه آفات الجهل والتخلف، إلى درجة أنّه، ونحن في 2018، يتم ابتكار تطبيق "تمّن وقيمة" (أكلة عراقية لذيذة ومشهورة خصوصا في شهر محرم) لإشعار مستخدميه بمكان توزيعها وتحديد الطريق للوصول إليه.
لكن، لم يتبيّن ما إذا كان التطبيق سيشمل الهريسة أيضاً؟
B87A50A6-EB76-4C1C-BAEE-0DF0554A6A9A
B87A50A6-EB76-4C1C-BAEE-0DF0554A6A9A
عامر السامرائي (العراق)
عامر السامرائي (العراق)