الاقتصاد التركي الى أين؟

الاقتصاد التركي الى أين؟

18 سبتمبر 2018
+ الخط -
علينا أن نعترف بأن الاقتصاد التركي لم يحقق تلك المعادلة حتى الآن، وهي السبب الرئيس لتلك الأزمة، ونعني معادلة الاستثمارات زائدا المدخرات يساوي فائض الطلب على السلع زائدا فائض الطلب على عوامل الإنتاج يساوي فائض المعروض النقدي زائدا فائض عرض الأصول المالية.
كما تعدّدت تعريفات التضخم في مدارس الفكر الاقتصادي، تعدّدت أنواعه، إلا أنها أنـواع لا يمكن فصلها عن بعضها بعضا، إذ تشترك جميعها في خاصية واحدة، عجز النقود عن أداء وظائفها أداءً كاملاً، وهذا ينطبق على الحالة التركية وما تعانيه من أزمات، إذ أن التضخم في تركيا متنوع، والأصح أن نعرّفه بالتضخم المركّب، فهو تضخم سلعي الناتج عن زيادة نفقات إنتاج السلع على الإدخار، كذلك تضخم رأسمالي أو صناعات الاستثمار الناتج عن زيادة فـي قيمة سلع الاستثمار على نفقات إنتاجها، وأيضا تضخم ربحي نتيجة لزيادة الاستثمار عن الادخار، وأخيرا تضخم إنتاجية نتيجة لارتفاع نفقات الإنتاج ومنها الأجور.
إذن نجمت عن هذا التضخم المركب آثار سلبية على الاقتصاد التركي كما نراها الآن، وما يخشى منه أن تتفاقم الأزمة نتيجة سوء التقدير والبطء في اتخاذ التدابير اللازمة، وأن تفقد النقود قوتها الشرائية ووظيفتهـا مخزنا للقيمة، ما يترتب عليه تخلص الأفراد من النقود التي في حوزتهم، واستبدالها بعملات أخرى، أو تخلص الأفراد من كمية النقود من خلال استخدامها في اقتناء أصول عينية أو استثمارها فـي قطاعـات غيـر إنتاجية، ما يترتب عليه انخفاض في إجمالي قيمة المدخرات القومية .
تعدّى التضخم في تركيا أعتاب 18%، ولذا لا بد أن تتدخل وتقوم السياسة النقدية بدورها من أجل مكافحة الضغوط التضخمية، والحد من آثارها، من خلال مجموعة من الوسائل والأدوات التي تمتلكها، كذلك القيام بإجراءات عديدة ترتبط بعمليات الإصدار النقـدي وتحقيق رقابة فاعلة على الائتمان. وهنا يأتي دور البنك المركزي بصفته راسما للسياسة النقدية ومنفذا لها بالتعاون والتنـسيق مـع مختلف المؤسسات المالية والمصرفية التي تعمل تحت رقابته وإشرافه على رسم السياسات النقدية التي تكفل تحقيق الاستقرار النقدي من خلال التوازن بين عرض النقود والطلب عليها في الاقتصاد التركي، ما يتطلب من الحكومة تنفيذ مجموعة من الإجراءات في مجال إصـلاح أدوات السياسة النقدية، فأسعار الفائدة التركية على الودائع تعتبر سالبة، وبالتالي ترتب عليه فقدان تلك الودائع لدى الجهاز المصرفي جزءا من قوتها الشرائية، في ظل ارتفاع معدلات التضخم السنوية. ولذلك سوف يلجأ أفراد كثيرون، وكذا مؤسسات كثيرة، إلى التخلص من مدّخراتهم النقدية قبل تـدهور قوتهـا الـشرائية، واستخدامها في اقتناء السلع والخدمات أو استخدامها في المضاربة على الأراضي والعقـارات، أو تحويلهـا إلـى عملات أجنبية، ولذلك لا بد من رفع أسعار الفائدة على الودائع لدى الجهاز المصرفي بهدف امتصاص السيولة النقدية الزائدة لدى الأفراد، وتحقيـق زيـادة فـي قيمـة المدخرات نتيجة زيادة أسعار الفائدة على الودائع عن معدل التضخم السنوي، كذلك تعديل نسبة الاحتيـاطي الإلزامـي، وسعر إعادة الخصم بهدف التحكم في حجم الائتمان المحلي.
كذلك يترتب على السلطات النقدية القيام برفع أسعار الفائدة على القروض التي يقدمها البنك المركزي للحكومة من حصيلة الودائـع لديـه، والتي تتحدد من خلال متوسط تكلفة ودائع البنوك التجارية لديه زائد نقطتين ونصف مئوية (2.5%)، وذلك بهدف الحد من نمـو حجـم القروض الحكومية من البنك المركزي.
أيضا منـع البنوك التجارية من تمويل مكاتب الصرافة والوكلاء بأي قروض أو السحب على المكشوف، ومنعها مـن تقـديم قروض وتسهيلات بالعملة الوطنية في مقابل ضمانات بالعملات الأجنبية، بهدف وقف التدهور في القوة الشرائية للعملة الوطنية، وتحقيق الاستقرار في سعر صرف العملة الوطنية في مقابل العملات الأجنبيـة، والحد من المضاربة على النقـد الأجنبي باستخدام التسهيلات بالعملة الوطنية. كذلك تحديد أسعار الفائدة على الودائع بالعملة الأجنبية لدى البنوك التجارية على أساس الفائدة على تلك الودائع في السوق الدولية، ناقصاً نصف نقطة مئوية.
04962194-B326-404B-8E6A-BE9981B50615
04962194-B326-404B-8E6A-BE9981B50615
أحمد البهائي (مصر)
أحمد البهائي (مصر)