صورة ماتازوف.. الروسي الرديء

صورة ماتازوف.. الروسي الرديء

13 سبتمبر 2018

ماتازوف.. يعرّف نفسه دبلوماسيا سابقا

+ الخط -
لا أدري متى، وعلى أي شاشةٍ تلفزيونية، شاهدت للمرة الأخيرة المحلل والخبير الروسي، فاتيسلاف ماتازوف، فقد أخذت قراراً أن أتوقف عن متابعته على الشاشات منذ بداية هجوم الروس على غوطة دمشق الشرقية في فبراير/ شباط الماضي، وعاهدت نفسي أن أنتقل إلى محطةٍ ثانيةٍ حيثما صادفته أمامي، حتى لو كلفني ذلك متابعة برنامج "نيران صديقة" على محطة سكاي نيوز، أو مشاهدة فيلم من أفلام الرعب العنيفة التي تحفل بالقتل والتدمير التي أكرهها على نحو يفوق الوصف، وأضع علامات استفهام كثيرة على الناس الذين يدفعون ثمن تذكرة، ويذهبون إلى الصالة لمشاهدة أفلام تحفل بالقتل والذبح.
عموماً، صرت أعتبر مشاهدة فيلم رعب أخفّ وطأةً من الاستماع إلى المحلل الروسي الألمعي، وهو يفكّك الوضع السوري، ودور روسيا ورئيسها، فلاديمير بوتين، في إنقاذ هذا البلد وأهله من الهلاك. وفي حقيقة الأمر، لم أصل إلى هذه الدرجة من النفور من هذا الخبير إلا خلال معركة الغوطة التي تحوَّل خلالها إلى جنرال روسي. وقبل ذلك، كنت أعتبره مثل أقرانه من الخبراء الروس الذين صاروا مداومين على شاشات الفضائيات العربية ينافسون المحللين العرب الذين بدأ سوقهم بالكساد، بسبب الاعتماد على الخبراء الروس.
يشارك ماتازوف زملاءه الروس مزايا كثيرة، ويختلف عنهم في عديد منها. يلتقي معهم في موقفهم السياسي، فهم جميعاً على يمين الموقف الرسمي، وعلى مسافةٍ قريبةٍ جداً من أجهزة الأمن، ويجهلون، إلى حد كبير، المنطقة العربية، وخصوصاً سورية التي تخصصوا بالحديث عنها منذ أن تدخلت روسيا عسكرياً إلى جانب بشار الأسد في سبتمبر/ أيلول 2015، ويمتاز ماتازوف لذاته في أنه أقلهم إجادةً للغة العربية. وبالتالي، لا يصل من كلامه سوى الأفكار المباشرة والجاهزة والبعيدة عن التحليل، وبذلك يذهب كلامه مذهب السهام، ويبدو في تحاليله بعيداً عن المحلل والخبير، وقريباً جداً من الموظف الروسي الرسمي.
يُعرّف ماتازوف نفسه دبلوماسيا سابقا، وليس هناك أي معلومةٍ على "غوغل" تكشف جانباً من سيرة الرجل المهنية، على الرغم من أنه يشارك في برامج تلفزةٍ على مختلف القنوات، وكان هذا محفّزاً لأن يسجّل على "ويكيبيديا" بضعة أسطر تعرّف عنه، ولكن يبدو أنه غير مهتم بأن يُعرّف أحداً من العالم العربي عن نفسه، وهو يدرك أن العرب لن يكترثوا به حالما تنتهي قيمته الاستعمالية. هو على الأرجح سبق له أن كان صاحب رتبةٍ في "كي جي بي" مثله مثل مائة في المائة من الدبلوماسيين السوفيات الذي خدموا في سلك الدبلوماسية قبل سقوط الاتحاد السوفياتي. ولذلك يتحدث عن بوتين بإعجابٍ منقطع النظير، ويبدو أنه يوقّره كرجل خرج من هذا الجهاز الرهيب، ووصل إلى أعلى هرم السلطة بالاعتماد على هذا الجهاز الذي أعاد بناءه من جديد، وصار الأكثر خطراً ونفوذاً بين أجهزة المخابرات في العالم.
حين قاطعت ماتازوف، في البداية، ارتحت قليلاً من الدعاية الروسية المكثفة، وصرت أوفر على نفسي الغضب وارتفاع الضغط وحالة العصاب، وبدأت، بعد فترة، أحسّ أن ماتازوف أحدث لي حالة من التوتر حيال كل ما هو روسي. كلما شاهدت روسياً أرى فيه صورة ماتازوف، ولا يمكن بأي شكل أن أفصل بقية الروس عن ماتازوف.
اكتشفت، قبل أسابيع، أمراً جديداً أن مقاطعة ماتازوف على الشاشة نوعٌ من العبث، ذلك أني لم أتخلص إلا من صورة الشيخ، في حين أن صوته وخطابه يتردّدان على لسان كل الروس، بوتين، لافروف، غراسيموف بطل غروزني ورئيس الأركان الذي أسند له بوتين مهمة تدمير سورية، فبرع في ذلك.
1260BCD6-2D38-492A-AE27-67D63C5FC081
بشير البكر
شاعر وكاتب سوري من أسرة العربي الجديد