الغرب والعالم الإسلامي

الغرب والعالم الإسلامي

21 اغسطس 2018
+ الخط -
كتب صمويل هنتنجتون في كتابه "صدام الحضارات" "الإسلام هو الحضارة الوحيدة التي جعلت بقاء الغرب موضع شك".
كتب ذلك تعليقاً على قول للمستشرق برنارد لويس جاء فيه "لمدة ما يقرب من ألف سنة، منذ أول رسو للمسلمين في إسبانيا، وحتى الحصار التركي الثاني لفيينا، كانت أوروبا تحت تهديد مستمر من الإسلام".
هناك مدارس فكرية، ومراكز بحوث في الغرب، ترى أن عودة الإسلام، حضارة وثقافة، هو تهديد وجودي للغرب. ولذلك وضعوا خططاً واستراتيجيات لمواجهة أي نهضة محتملة، ولضمان بقاء علاقة تبعية العالم الإسلامي بالغرب كما هي.
ويستطيع المتابع لتلك الخطة أن يقرأها كما يقرأ "كتالوج" يحدد كيفية التعامل مع الحالات المختلفة لمحاولة النهوض. فأمام احتمال التغيير السلمي، ووصول الأحزاب ذات التوجه الإسلامي، أو حتى الوطني، عبر صناديق الاقتراع، فالكتالوج يوضح طريقة التعامل مع الحالة: إما بعدم إتاحة الفرصة لهم بانقلاب على نتائج الانتخابات، والعودة بهم إلى المربع صفر، وجرّهم إلى طريق العنف، أو تركهم يتولون السلطة مؤقتاً، ثم وضع العراقيل أمامهم، لإثبات فشلهم في إدارة البلاد، حتى لو أدى ذلك إلى العودة إلى الانقلابات العسكرية، أو حتى فرض الحصار. وإذا ضاقت بالشعوب سبل التغيير السلمي، ولجأت إلى المقاومة المسلحة ضد أنظمتها الدكتاتورية، فالكتالوج يَعتَبِر تلك الحالة فرصة ذهبية لتدخله العسكري المباشر، وتجريب أسلحته في لحومنا ودمائنا. والأخطر ركوب موجة المقاومة المسلحة بجماعات تَدَّعي الجهاد في سبيل الله، يتم تزويدها بالمال والعتاد والمرتزقة، وتزويدها بأكثر الأفكار تطرّفاً، كي تقوم متطوعة بتقديم أكثر الصور تشويهاً للإسلام.
وأول ظهور لهذا البند في الكتالوج تم تطبيقه في أفغانستان، عبر نموذج تنظيم القاعدة ثم حركة طالبان، ثم ظهور النسخة الجديدة باسم "داعش"، وستتوالى الأسماء، علما أن الشكل واحد، بحسب ما حدّده الكتالوج مسبقاً.
وهذا كله، بهدف تشويه صورة الإسلام على مستوى العالم، وحتى تخلق صورة ذهنية عند الشعوب الإسلامية عن الإسلام ذاته، تعوق إمكان تقديمه نموذجا لعشرات السنين المقبلة.
بالطبع، ليس هذا الكتالوج قَدَراً هابطاً من السماء، لكنه سيظل فعّالاً ما دمنا لم نعِرف كيف نواجه الأمر ونحذر شعوبنا منه عبر الوعي والمعرفة، وما دام عالمنا الإسلامي أسيراً لحكم الفرد، ومتفرّقاً ومتناحراً أمام كتلة موحدة من الغرب وأميركا.
C89F4B84-7610-4788-B355-1A7EBEB820CB
C89F4B84-7610-4788-B355-1A7EBEB820CB
محمود صقر
كاتب مصري.
محمود صقر