وجع عدن

وجع عدن

20 اغسطس 2018
+ الخط -
سئمت عدن واقعها البائس، وسئم أهلها فجائع الموت اليومي وإراقة الدماء وإزهاق الأرواح والانتهاكات الإنسانية التي تكاد تكون يومية. والمؤسف أن ذلك كله يحدث في وضح النهار، وعلى قارعة الطريق العام.
سئمنا كل تلك الضوضاء والغباء ومواكب القادة المعكرة لصفو الطريق، سئمنا لوحات الإعلانات والمجد للصنم الهمام، فيما الواقع يتلوى تحت نيران الهشاشة والانفلات والفساد والتفسّخ، سئمنا مواكب القبائل المسلحة، لتأخذ من عدن روحها.
منذ أيام، وعدن حزينة على خطف الطفل البالغ ثلاثة أعوام، معتز ماجد. كل بيت فيها يصلي ويدعو عودته سالما لوالديه، ولا شي في عدن يخطف ويعود سالما هذه الأيام اللعينة. بعد أيام، وجد مقتولا، كان خبرا نزل كالصاعقة على المدينة، جريمة هزّت أركانها كل بيت يمني. هذا قدرنا في هذه المدينة التي تعبث بها خفافيش الظلام وأيادي الموت التي تنزع البسمة من شفاه الأهالي.
في عدن، الكل مهدّد، حتى الدولة بشخصيتها الاعتبارية، بدءا من رجل المرور حتى أي موظف. وهذا مشهد مهين للدولة بشخصيتها الاعتبارية.
عدن اليوم مسرح للجريمة اليومية والعنف المسلح وانتشار حمل السلاح الذي بات في متناول المريض النفسي والمعتوه والبلطجي وأصحاب السوابق والأطفال، في مشاهد لم تعرفها عدن في تاريخها. فحمل السلاح متاح، لا قيود ولا محاسبة ولا متابعة، إهمال وتغاضي من المعنيين.
عدد هائل من الجرائم، نحتاج إلى مجلداتٍ لسردها في حكايات ليالي حزن عدن، اغتصاب ونهب وخطف للأطفال والنساء واغتيالات، سطو على الأراضي والمتنفسات والمواقع الأثرية، ومعظمها تقيّد ضد مجهول.
هذا يحدث في مدينةٍ يتبجح فيها مدير الأمن في الإعلام أنه يكتشف الجريمة قبل وقوعها، فيما وزير الداخلية جعل من الحي الذي يسكنه ثكنة عسكرية، تحميه وأسرته وأبنائه، كل هذا يحدث تحت مسؤوليتهم، وهم لا يبالون، بل لا يهتمون في حكومة لا تحاسب ولا تعاقب، تعبنا ونحن ندعوها أن تضع يدها بحزم على مواطن الخلل والتجاوزات، وأن تتخذ إجراءات، كأن تقيل الفاشلين وتستبدلهم بالقادرين والمهنيين.
هل يعلم الناس أنّ معظم أقسام الشرطة ومسؤولي الأمن دخلوا تلك الوظيفة، وهم لا يملكون أبسط معايير المهنية.
هذه الجرائم وتكرارها يترك في نفوس الناس دلالاتٍ رديئةً تتعلق بنظرتهم إلى مكانة الدولة، وأعتقد أن بعضهم يتعمدون إهانة الدولة، لأنه يعيش في أريحية الفوضى القائمة وثرائها، يقتات على انتهاك حقوق الناس، وغياب الدولة الحامية لهذه الحقوق.
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
أحمد ناصر حميدان (اليمن)
أحمد ناصر حميدان (اليمن)