الهرّ والـ VAR

الهرّ والـ VAR

05 يوليو 2018

هل يمكن استخدام تقنية الفار الرياضية سياسيا؟ (3/7/2018/الأناضول)

+ الخط -
أفتى الاتحاد الدولي لكرة القدم، أخيرا، باستخدام وسيلة الفيديو الاسترجاعي المساعد للحكم، والإفتاء في شؤون الكرة في كأس القارات 2017، وتبع ذلك إباحة آلة "الخطف خلفاً" السينمائية، في الدوري الإيطالي، والدوري الألماني، ثم شُرّع في مونديال روسيا.
كان الهدف من هذه الآلة سدّ الذرائع، والقضاء على الجدال، وإسكات انتقادات قرارات التحكيم. ولكن على عكس المتوقع، ازدادت الشبهات في طريقة استخدام الخدمة المساعدة الجديدة، فقد كان الحكام ثلاثة، فصاروا ستة، نحن أيضاً حكّام، ولكن من غير طاعة أو صفارة.
نحن في جميع الصراعات البشرية الفردية والقبلية، نعود إلى الـ"VAR" الأصلي في ذكريات التاريخ، واسترجاع ثارات الماضي. ويُقال إنّ بشار الأسد، فكّر في الإصلاحات، فرشى الشعب، ثم عبس وبسر، فأصدر دستوراً جديداً، وألغى المادة الثامنة، وهي شعار وقناع. ولم يرَ الشعب من الإصلاحات سوى البرميل والسارين. وأنّ عصابة الأسد الحاكمة عادت إلى تقنية الـ "فار"، وحذّرته من أن الإصلاح يعني الثأر العظيم، فلا يوجد سوري إلا وعانى من إهانةٍ شخصيةٍ أو عامة. السادة لا يرضون بالتساوي مع العبيد. ويقال أيضاً إنّ الأسد خاف من الدم الأول في درعا وذُعر، وهمَّ بحزم حقائبه، وهي كثيرة، وأمواله المسروقة من الشعب السوري مودعةٌ في بنوك بنما وسويسرا، لكن نائباً إيرانياً اسمه علي آغا محمدي من "مصلحة تشخيص النظام"، وهو اسمها في إيران، وليست تسميتي، عاد إلى تقنية الفار، واستذكر كنوز الهرمزان التي غنمها جيش عمر بن الخطاب، وقدّم له دواء القضاء على الثورة، فوزّع أسلحةً على أحفاد الهرمزان، واستنفر حزب الله ضد أحفاد عمر بن الخطاب، ويُشاع أنّ أمه أخبرته مستعيدةً الذكريات بالـ "فار" أنّ والده قتل أربعين ألفاً، فليقتل مليوناً، وقد فعل، لله درّه، فلا يصلح آخر النظام إلا بما صلح أوله.
وتعزو الكاتبة آيات عرابي سبب تشبيه مفتي الديار المصرية علي جمعة، يوم ثلاثين يونيو، بفتح مكة، ومولد النبي، إلى تهديده بصور من مستودعات الـ"فار". وتقول إنّ المخابرات تحتفظ بفيديوهات له لا تسرّ الخاطر، نتبادل أمثالها في "الكروبات" الخاصة، ويقال إنّ مفتي سورية، أحمد حسّون، حزم حقائبه، وطلب الاستقالة من منصب المفتي في أول الثورة، لكن بشار الأسد قال له: أقدامنا في الفلقة سوا يا شيخ السوء. دخول المسلخ ليس كالخروج منه، فلا بد أن تتبلّل بالدم، يا حبيب ويا غالي.
تقول الأمثال: إنّ الأسى لا ينسى. وقال المتنبي: جراحاتُ السّنانِ لها التئامُ، ولا يُلْتأمُ ما جَرَحَ اللسانُ، وقد أثخنتنا جميع أنواع الأسلحة، الحلال المستحبة، والمحرّمة، والمكروهة دولياً.
بثت الأخبار آلاف الصور الحيّة التي أظهرت وحشية الجلاد السوري، وهرّب رجل أطلق عليه لقب قيصر، آلاف الصور المريعة من جهنم الأسد، لكن الصديق بروتوس طعنه من الخلف، لأنّ الغرب، وعلى رأسه أميركا، يهوى عقيدته، ومصالحه مع الأقليات، كما يقول جيمي كارتر في كتابه مذكرات البيت الأبيض.
أظهر الغرب عداءً شديداً لأردوغان، وذُعر من نهضة تركيا "العثمانية" التأصيلية الجديدة، وقفز بها من الرتبة 116 إلى الرتبة 16 اقتصادياً، وحوّل حزبُ العدالة والتنمية رجلَ أوروبا المريض إلى فتى الحضارة الإسلامية المتعافي، وانتشرت صورته مصّاص دماء على أغلفة الصحف الأوروبية إبّان الانتخابات أخيرا، لأنهم عادوا إلى تقنية الفار، وتذكّروا العثمانيين الذين حاصروا قلاعهم، وأخذوا منهم الجزية، وهم صاغرون.
وكتب السكرتير الإعلامي للبيت الأبيض، بن رودوس، في مذكراته "العالم كما هو"، يقول: كان أوباما يبغض العرب بغضاً، ويتحدّث عن إيران بإعجابٍ شديد، فعرضت إيران على إدارة أوباما التوقف عن الأنشطة النووية عشر سنوات، في مقابل رفع العقوبات عنها، وإطلاق يدها في الشرق العربي كله، وتأسيس إيران "داعش"، وإطلاق المالكي يد "داعش" في بنوك الموصل.
وتقول كتب التاريخ: إنّ الغرب، الذي سبق التتار في غزو المسلمين، في حملةٍ سمّاها الحرب الصليبية، وليست تسميتي، رحّب بالنصر المغولي في بغداد.
أريد أن أذكّر بتأويل عبد الوهاب المسيري أفلام توم وجيري، ما حدث هو أنّ الغرب جعلنا، ونحن نرى بالـ"فار" صور المجازر بالفيزياء والكيمياء والجغرافيا والتاريخ، وكأنه يقول: عُد أيها الهرّ إلى حضن الوطن، وإلا جعلتُ الفأر يبيدك إبادة تامة.
683A43FF-D735-4EBA-B187-3AC9E42FAE32
أحمد عمر

كائن يظنُّ أن أصله طير، من برج الميزان حسب التقديرات وطلاسم الكفّ ووحل الفنجان.. في بكرة الصبا أوعشية الشباب، انتبه إلى أنّ كفة الميزان مثقوبة، وأنّ فريق شطرنج الحكومة "أصحاب فيل"، وأنّ فريق الشعب أعزل، ولم يكن لديه سوى القلم الذي به أقسم" فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا..."