ما لا تعرفه عن صفقة القرن

ما لا تعرفه عن صفقة القرن

05 يوليو 2018
+ الخط -
مرت على القضية الفلسطينية منذ القرن الماضي عشرات المشاريع والخطط الأميركية بغرض طرح تسويات غير عادلة، كان آخرها ما تتداوله الصالونات السياسية اليوم حول ما تسمّى صفقة القرن.
يقود هذه الخطة فريق ثلاثي صهيوني يميني، هو صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر، والمبعوث الأميركي للسلام لمنطقة الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات.
ويَعتبر المراقبون هذه الصفقة الأسوأ على الإطلاق، كونها لا تخضع لشروط الصفقة التي يتبادل بها طرفان المنافع والمصالح بقدر ما هي مجرّد إملاء لوجهة نظر الإدارة الأميركية التي لا تعترف بوجود قضية وطنية فلسطينية، بل قضايا إنسانية معيشية لشعب مقسّم جغرافيا بين الضفة وغزة والشتات.
يهدف الفريق الصهيوني الأميركي لتطبيق رؤية اليمين الصهيوني للتصفية السياسية للقضية، عبر إملاء هذه الرؤية على العرب، وهم في أضعف حالتهم. وتهدف الخطة إلى تجاهلٍ تام للحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، ودفن جوهر الصراع الأساسي، وهو الاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية، وتغييبه تحت ركام الحاجات المطلبية للسكان، بعد وضعهم تحت ضغط الفقر والحصار.
وتتمحور الخطة حول ما يسمى "السلام الاقتصادي" عبر محفزات اقتصادية تجميلية أمام الشعوب، حتى تنشغل بالمنافع، والتطبيعية مع الحكومات، حتى تندمج إسرائيل في المحيط العربي، وتصبح ربما عضوا في جامعة الدول العربية.
والمثير في هذه الخطة سعي إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى تحميل دول خليجية عبء تكلفة هذه العملية المسماة زورا عملية سلام.
لكن، على الرغم من كل هذا الثقل الأميركي حول الخطة في المنطقة، إلا أن الفلسطينيين قادرون على إفشال الصفقة، كما أفشلوا ما سبقها من مبادرات وخطط لتصفية قضيتهم، شرط أن يبقى الموقف الفلسطيني ثابتًا في رفضه لها، إلى جانب القيام بحملة لاستجلاب دعم الرأي العام العربي والعالمي، للمساعدة في مقاومة الضغوط الساعية إلى الحصول على موافقته عليها.
من المتوقع أن يواصل الوفد الأميركي برئاسة كوشنير وغرينبلات والسفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان جولته الدبلوماسية، لتشمل دولا أخرى إلى جانب الدول العربية الأربع التي زارها الوفد، الأردن والسعودية ومصر وقطر، إضافة إلى إسرائيل، بهدف تسويق الخطة التي لم تكشف الإدارة الأميركية رسميًا عن تفاصيلها التي تروّجها عبر التسريبات التي بلغت وسائل إعلام عربية وأجنبية عديدة، والتي ترسم صورة تقريبية عن فحوى الطرح الأميركي، والغايات التي يسعى بإلحاح إلى تحقيقها.
وعلى عكس الخطط والمبادرات الأميركية السابقة التي كانت تبدأ غالبا بالقضايا الهامشية والسهلة، قبل الولوج إلى القضايا الكبيرة، فإن هذه الخطة تبدأ بالقضايا الكبيرة، قضايا الوضع النهائي وهي القدس، والمستوطنات، والحدود، واللاجئين، والمياه، وتقوم بتفريغها من مضمونها مسبقًا، ومن دون مفاوضات.
وبدأت الإدارة الأميركية بأكبر هذه القضايا، وهي القدس، وأخرجتها من التفاوض، عندما اعترف ترامب، في ديسمبر/ كانون الأول 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل، ودشن هذا الاعتراف عمليا بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس في الذكرى السبعين لإعلان قيام كيان العدو.
في المقابل، يدور الحديث عن طرح بديل للقدس عاصمة للفلسطينيين، متمثلا ببلدة أبو ديس، إلى جانب الانسحاب من بلدات عربية شرق والقدس. وفي المقابل، سيحافظ العدو على جميع المستوطنات الصهيونية في الضفة المحتلة، وفي مقدمتها مستوطنات أريئيل في نابلس، وغوش عتصيون في بيت لحم، ومعاليه أدوميم في القدس، وسيبتلع كامل منطقة الأغوار إلى جانب ما يعرق بمناطق "ج".
وسيحصل الفلسطينيون على فتات المال العربي على شكل مشاريع تحت ستار "أغيثوا غزة"، خصوصا بعد تخلي الإدارة الأميركية عن دفع التزاماتها المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)؛ والبالغ 350 مليون دولار، ما زاد حدة المعاناة لنحو مليون وثلاثمائة ألف لاجئ فلسطيني في قطاع غزة.
المثير فأن تصبح المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس من متطلبات تطبيق صفقة القرن، الأمر الذي ربما يكفل عودة السلطة إلى غزة، من بوابة حكومة تحمل طابع الوحدة الوطنية، تعمل على احتواء "حماس" ومقاومتها واحتياجاتها المطلبية لموظفيها في مقابل احترام التزامات السلطة الفلسطينية، فهل ستنجح؟
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
عماد عفانة (فلسطين)
عماد عفانة (فلسطين)