هل يكمل ترامب ولايته؟

هل يكمل ترامب ولايته؟

31 يوليو 2018
+ الخط -
تتصاعد الاتهامات للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خصوصاً بعد لقائه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أخيراً في هلسنكي، وأدائه الذي وصفه وزراء خارجية أميركيون سابقون، والسيناتور الجمهوري جون ماكين، بأنه الأسوأ لرئيس أميركي. وفي ظل هذه الهجمات المتتالية، اضطر ترامب لأن يخرج على الصحافيين، وأن يقرأ من بيان مكتوب أن "التعبير خانه"، لكن ذلك لم يخفّف حدّة الهجمات التي تلقاها، حتى في حزبه الجمهوري، ومن ضمن برامج قناته المفضلة، فوكس نيوز.
وقد صعّد هذا المؤتمر أيضاً من حدة الاتهامات القانونية والسياسية له، خصوصا مع كشف وثائق جديدة تخص محاميه المعتقل في الوقت الحالي، والذي قبل التعاون مع مكتب التحقيق الفيدرالي (FBI) في مقابل تخفيف مدة الحكم عليه، إذ كشفت تسجيلات أن ترامب، وعلى عكس ما كان يقول ويردّد باستمرار، أنه كان على علم بالاجتماعات التي تجري في برج ترامب بين أعضاء من فريق حملته الانتخابية و"مستشارين" روس، عرضوا تقديم خدمات في مقابل تشويه صورة حملة منافسته هيلاري كلينتون الانتخابية، وهو ما يبرهن على أن هناك تواطؤا بين حملة ترامب والروس في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية لعام 2016، وأن الرئيس ترامب نفسه متورّط فيها. وتبقى هذه جملة من الاستنتاجات السياسية والإعلامية، ولكن إذا استطاع رئيس فريق التحقيق، روبرت مولر، تقديم أدلة قانونية تثبت ذلك، فالمؤكد أن هذا الاتهام السياسي سيتحول قانونيا، وعندها سنكون أمام محاولة جدية لعزل الرئيس. والنقطة الرئيسية في ما يتعلق بهذا العزل، مدى إمكانية تخلي الحزب الجمهوري عن ترامب، إذا ما تصاعدت الاتهامات ضده. ولكن ما زال الحزب، في كثير من أجنحته، يعتبر ترامب ورقة رابحة، خصوصا ضمن الفريق اليميني المحافظ للحزب، وهو ما يسمى تيار الحرية (Freedom Coccus)، كما هو معبر عنه داخل الكونغرس (مجلس النواب). يضاف إلى ذلك قاعدة الإيفانجليكان التي ربما يحشدها ترامب بقوة، من أجل تعيين قاض محافظ آخر، ضمن المحكمة الدستورية العليا، كما فعل مع القاضي الأول كورزيتش، وبالتالي ربما نجاحه 
في تعيين القاضي الآخر وتثبيته، وربما يلعب المرشح الآن كافانا دوراً في تفعيل القاعدة الانتخابية لصالح الحزب الجمهوري، وخصوصا المحافظة منها، وهو ما يأمله الحزب في استثمارها في الانتخابات النصفية المقبلة.
وهذا ربما يصعب في عكس صالح الحزب الديمقراطي الذي يتوقع أن قاعدته أصبحت مهيأة للسيطرة بالأغلبية على مجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ) في الانتخابات النصفية المقبلة، خصوصاً بعد الفضائح المتتالية التي تلاحق ترامب وأعضاء إدارته باستمرار، خصوصا في ما يتعلق بالفساد المالي في استخدام طائرات خاصة لهم خلال تنقلاتهم، وهو ما دفع ثلاثة وزراء على الأقل إلى الاستقالة من أجل هذا الموضوع. وأيضاً التصريحات العنصرية التي تصدر عن ترامب تباعاً، وتسبب له مشكلات مع الأقليات في أميركا، مثل اللاتينيين والمسلمين والسود، وكذلك مع النساء. وهذا ما يعول عليه الديمقراطيون، لتفعيل قاعدتهم الانتخابية بالشكل الأقصى، ليتمكنوا من السيطرة الكلية على مجلس النواب، وبالتالي عرقلة مشاريع قوانين ترامب، وهزيمته تشريعياً، قبل هزيمته كليا في الانتخابات الرئاسية في 2020، ولكن من دون اتفاق بين الديمقراطيين على مرشح محدّد، واستعار الحرب بين أجنحته اليسارية (أصبح يطلق عليها الاشتراكية) وجناحه المؤسساتي والليبرالي الذي بات يخشى من تطرّف النزعة اليسارية بالتأثير في قاعدته الانتخابية الواسعة في الانتخابات النصفية المقبلة والانتخابات الرئاسية، خصوصا في ظل ما جرى في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في نيويورك.
العامل الحاسم في تحديد مصير ترامب، إذا لم يصدر شيء مباشر وقانوني من مولر، هو الاقتصاد، وهذا الآن في أحسن أحواله. ومع التقرير الجديد الذي ذكر أن نسبة النمو في الربع الأخير وصلت إلى 4.1 %، وهي أعلى نسبة يحققها نمو الاقتصاد الأميركي منذ 18 عاماً، ويتفاخر ترامب بأنه للمرة الأولى سيتجاوز نسبة النمو السنوي 3%، وهو ما لم يتحقق في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، فضلاً عن التقارير الخاصة بالعمل والبطالة التي وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ 30 عاما، وكلها أرقام يتفاخر بها ترامب يومياً، على الرغم من أن الفضل فيها لا يرجع له وحده، لكنه يستطيع استثمارها بالحدود القصوى بشكل دائم.
ما سيؤثر في قاعدة ترامب الانتخابية، في ما يتعلق بالاقتصاد، هو فرض التعرفة الجمركية على الصين، والتي أثرت في ولاياتٍ بعينها، مثل فيلادلفيا ووسكنسن، وهما من الولايات التي صوتت لترامب في الانتخابات وستتأثر مباشرة في الحرب التجارية الجديدة التي أعلنها ترامب على الصين، وكلها يطلق عليها الولايات المتأرجحة التي ترجح كفة الفائز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإذا استمر التأثير الاقتصادي الكبير فيها في ما يتعلق بصادراتها إلى الصين ستكون هزيمة ترامب في هذه الولايات بالتحديد.
... يمكن القول إن هناك عوامل متشعبة تلعب دوراً تقديرياً في مدى قدرة ترامب على النجاح في انتخابات 2020. ولكن، مبكر كثيراً الحكم عليها في الوقت الحالي، لكن تحقيق مولر والاقتصاد سيكونان حاسميْن في تحديد مصير ترامب.

BCA0696E-8EAC-405E-9C84-3F8EA3CBA8A5
رضوان زيادة

كاتب وباحث سوري، أستاذ في جامعة جورج واشنطن في واشنطن