تدريب أوّلي على المكايدة

تدريب أوّلي على المكايدة

31 مايو 2018
+ الخط -
بدأ عبد الفتاح السيسي تدريباته الأولى على ما يسمى الحكم، بجسد الإخوان المسلمين، محل الشماتة والمكايدة من كل الشركاء والمناكفين في خمسة استحقاقات انتخابية، خرجوا فيها آنذاك خاسرين، وفتحت شبابيك الدم والأبواب على مصاريعيهما، لإطفاء غليل الشركاء من هؤلاء الذين سرقوا الحكم بليل، وعذبوا الشعب بالحديد والنار خلال سنة من حكمهم، وألقوا آلافا مؤلفة في السجون والمعتقلات، وأغلقوا منابر الدولة المدنية كلها ورموها في البحر، فكانت صيحاتهم جميعا على اختلاف أطيافهم، في عبارات رنانة ومنحوتة بدقة، مثل "فوّضناك"، "اقتل يا سيسي"، "افرم يا سيسي"، "فض يا سيسي"، "يجب الإسراع أكثر في عملية الفض". ومنهم من ابتدع بدعة "النكاح في رابعة" إمعانا في المذلة قبل القتل. ومنهم من ربط الفض باللحن والغرام، فغنّاها لحنا، وقال: "يا ليلة الفض أنستينا". ومنهم من زاد في المكايدة للدماء من جسد الإخوان في ميدان رابعة العدوية، فلم يكتف باللحن وليلة العيد وأفيون الغرام فقط، بل أمعن في المكايدة والشماتة في الدماء، فوزّع "الرز أبو لبن" على الناس فرحا في الدم، ظنا منهم أن الملك والمناصب والرتب قد صارت قاب قوسين من أحزابهم ورجالاتهم.
كل تلك الفَرْشة الممتعة من الغرام تحت أقدام الجنرال من سنوات خمس، كانت كأنها مقدمة أولى للخيّال والفارس والملهم، كي يحكم ويستقر على ظهر فرسه، ويتمكن من اللجم. تعليم أوّلي على الحكم بالمشي، والخوض في الدم الرخيص. تعليم في جسد مكروه من الأمة جمعاء، على الرغم من أن هذه الأمة نفسها من سنة واحدة بالإجماع اختارت منهم الرئيس، وبالإجماع أيضا أقرّت دستورهم، فهل كان الشعب تحت تأثير الأفيون من سنة، ثم منعوا زراعته في البلاد؟
يتمخطر الفارس الآن "لفترة ثانية"، بعد أيام في "برلمانه التمليك"، بعد هديته الرائعة إلى جموع الفقراء بزيادة تذكرة المترو من جنيهين إلى سبعة جنيهات، من دون أن يتحرّك كمال خليل، ولا كمال أبو عيطة (واضح بيقبض أيام إجازاته الاعتيادية على أيام استوزاره)، فالرجل يحفظ حقوقه الإدارية والمالية عن ظهر قلب، حتى حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، نصير الفقراء، يبحث عن نصيبه في الكعكة (بعد الاندماج).
لاحظ أن السيسي، في غمرة كل هذه الانتصارات على الفقراء، والتلويح برفع الدعم تماما بعد شهور، لم ينس أن يعتقل شادي الغزالي حرب، ومراسل "أبلة فاهيتا"، ووائل عباس بالأمس، كي يقول لأصحاب التوجه المدني والحقوقي: إنني بنيت مجد سلطتي في فترتي الأولى على أجساد أهل الشر من "الإخوان"، ومن على شاكلتهم، كي تكون الدماء هاديا وسبيلا لفترتي المقبلة، كي يعلم الجميع أنني أصلح ما أفسدته يناير من سنوات، ففترتي الأولى كانت في غرام "أهل الشر"، وأعوانهم، قتلا وتقتيلا وإبعادا ومطاردة وسجنا ومصادرةً للأملاك والأموال. والفترة الثانية، بإذن واحد أحد، سنبدأ فيها "بالزغاليل"، مثل سجن خفيف للتهذيب وتقليم الأظافر، "والتالتة في الخير" بعد "حبة" إجراءات، ستكون على "اللي عليه النصيب"، ولكل حادث حديث.