صورة العرب في مهرجان كان

صورة العرب في مهرجان كان

26 مايو 2018
+ الخط -
يروي الفيلم اللبناني، كفر ناحوم، والذي فاز بجائزة لجنة التحكيم، يروي قصة الطفل، زين، البالغ 12 عاماً من أسرة فقيرة في أحد أحياء بيروت، والذي قامت أسرته بتزويج أخته، وهي في سن الحادية عشر وماتت في أثناء حملها، وقام هو بدوره بطعن زوج أخته ودخل سجن الأحداث. وقد اهتم الإعلام الفرنسي بإبراز أن الطفل، بطل الفيلم، مهاجر سوري من محافظة درعا إلى لبنان.
أما الفيلم السوري، قماشتي المفضلة، المشارك في المهرجان، فتدور أحداثه حول مجموعة من السيدات في محاولة لاكتشاف الذات، خلال عملهن في بيت دعرة في دمشق، أثناء "الحرب الأهلية" في سورية. هكذا جاء في التعريف بالفيلم.
أما الفيلم المغربي، صوفيا، المشارك في قسم من أقسام مهرجان كان، فتدور أحداثه عن تجربة حمل سِفاح لفتاة في سن 22 سنة وابنة وحيدة لأسرة تقليدية .
خيط مشترك يربط الأفلام الثلاثة لإعطاء صورة عن مجتمعاتنا العربية "المتطرّفة الذكورية المتخلفة"، فنحن إزاء حروب أهلية وتزويج قاصرات ونساء مقهورات يمارسن الدعارة بحثاً عن الذات، ومعاناة فتاة حملت حملاً غير شرعي في مجتمع ذكوري، بؤس، شقاء، جريمة.
هذه الصورة التي يرسمها فنانون عرب هي جواز المرور للغرب عموماً، وفرنسا خصوصا، فرنسا التي تطرب جدا لتقمص دور الدولة المثقفة الرسالية التي تسعى لتصدير الثقافة للدول المتخلفة .
وجزء من ذلك الزهو والطرب أن تفتح قنواتها الثقافية لاستقبال كل من يصور مجتمعاتنا على هذه الصورة، وتفتح لهم مجال الشهرة والمال. وبصفتي متابعا لإذاعة مونت كارلو، وخصوصا برامجها الثقافية، وبشكل أَخَص لقاءاتهم مع من يسمونهم "مثقفين عرب"، تَرّسَّخ عندي ذلك الاستنتاج .
الموضوعات التي كانت بوابة عبور تلك الأفلام، هي نفسها الموضوعات الرئيسية المتداولة مع الضيوف العرب بشأن مجتمعاتنا العربية، والصورة نفسها التي تنقلها تلك الأفلام ينقلها من يسمونهم "مثقفين عرب"، فالتقت إرادة طرفين: طرف يريد السيطرة على الشعوب بالغزو الثقافي، وطرف ينفذ خطة السيد عن علم أو جهل، تحت إغراء الشهرة والمال.
ومن أهم أساليب السيطرة غرس مفهوم احتقار الذات، ديناً وتاريخاً وهوية وثقافة، ومن ثم الشعور بالدونية أمام السيد الأوروبي، وبين الطرفين يتم سحق المثقفين الجادين، وتقديم الشعوب قرباناً على مذبح الطغاة والطامعين.
C89F4B84-7610-4788-B355-1A7EBEB820CB
C89F4B84-7610-4788-B355-1A7EBEB820CB
محمود صقر
كاتب مصري.
محمود صقر