اليمن وجرثومة التخلف

اليمن وجرثومة التخلف

15 ابريل 2018
+ الخط -
جرثومة التخلف تنخرنا مجتمعا ونخبا، تخلف يهمش المنطق والعقل بعيدا عن العلم والمعرفة، ليراهن على الجهل.
تعمل سياسة "لنكن أعداء لا شركاء"، على تجريف كل نعم الله علينا، من اختلاف وتنوّع يثريان الحياة ويغنيانها، تنوع يعطي فكرا وسطيا، عقلانيا، يقبل الكل ويتقبله الكل، لنرسخ بذلك كل نقم الحياة، من رفض الآخر والتعايش وفرض العنف كوسيلة، والتعصب والتعجرف كسلوك تسيّد وهيمنة.
عجزنا في تجاوز محن تاريخنا المأساوي ومنعطفاته، ولا زلنا نتناحر عن أحقية خلافة علي أو معاوية، رضي الله عنهما، ونعيش ذكرى صحابي من أحفاد الرسول قتل بمعركة تاريخية مؤسفة هو الحسين، ونندب حظنا العاثر، فيما الزمن متوقف بنا هناك، في ذلك التاريخ العصي على النسيان، والمستمر في الحاضر: حاضرنا.
لدينا تاريخ حافل بما هو حق ومنجزات وحضارة ونهضة وعبر ودروس. ولكن، تركنا ذلك كله لنتوقف عند نقطة خلاف وشقاق، نقف في محطتها من دون أن نتحرك.
حاضرنا امتداد لذلك الماضي، طموحاتنا وأحلامنا تتحول لكوابيس، الجمهورية والثورة والوحدة والاقتران بالديمقراطية، نزلت عليهما لعنة المستبد والعسكري البليد والنافذ الجشع والفاسد المتهور، لعنة أصابت بعض مثقفينا ومفكرينا وسياسيينا، من حملة الشهادات، إذ انهار علمهم ومعرفتهم أمام جبروت المستبد وسطوته، مسخهم إلى مناطقيين وطائفيين وعنصريين، أدوات لمشروعه التدميري، مهيئين البيئة المثلى لعودته سالما غانما، وها هو يعيد إنتاج كيانه العفن من عدن.
نحن أمام تخلف يرفض فكرة الدولة وأدواتها، لنعيش فكر ما قبل الدولة العشيرة والقبيلة والطائفة والهيمنة والتسلط والمسيدة والمشيخة، مرتهنين للمادة والجاه، نعرض هويتنا وسيادتنا لمن يدفع.
تاريخنا المأساوي إناء نرتشف منه ما يروي عطشنا ويبرر تعصبنا وصراعاتنا، حيث صار المعتقد والسياسة وسيلة سهلة للشحن والتحريض ورداء مقبول لدى الآخرين لتمرير ما تريد، وتغرير من تريد، حجج للإرهاب والانتهاك معا، فما لم يحققه الإرهاب يتكفل فيه الانتهاك باسم محاربة الإرهاب، والعنف هو الوسيلة، بندقية بيد جاهل.
نعيش التخلف، غير جديرين بمسؤولية التغيير والثورة مبدأ وقيمة، لنصنع واقعا أفضل، في محاولة منا لتجاوز الماضي الخاص بنا، خلافاته السلبية وتراكماته المدمرة، وتجاوز عقباته وعثراته، لنحمل مشروعا وطنيا للدولة الاتحادية ومخرجات الحوار الوطني، تقربنا من بعض في دولة النظام والقانون لوطن يستوعب كل أبنائه.
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
0947F93D-78B9-48CD-AD98-B7B1A7035584
أحمد ناصر حميدان (اليمن)
أحمد ناصر حميدان (اليمن)