غَزل على الطريقة الفلسطينية

غَزل على الطريقة الفلسطينية

13 ابريل 2018
+ الخط -
رفقا بتلك الجماهير الغاضبة التي تنتظر الفَرج من السماء، فقد أدمى قلوبها لوعات الحصار طوال السنوات الماضية، وأخيرا أدمى قلوبها لوعات الفراق والبكاء على الشباب الذين يسقطون كحبات المطر، يروون بدمائهم الأرض العطشى.
ذلك ما يحصل منذ انطلاقة مسيرات العودة الكبرى في 30 مارس/ آذار، قرابة الـ 30 شهيداً، وأكثر من 2500 جريح، و70 ألف مشارك في تلك المسيرات، يحلمون بالعودة إلى ديارهم وأرضهم ووطنهم، ولكن رداً على ذلك، نذهب إلى حفرة الانقسام وربما الانفصال في قادم الأيام.
أعي تماماً أنّ ما سبق ليس له أي علاقة بعنوان هذا المقال، ولكن علينا التنويه بأنّ هذه الأرض محفوظة في ذاكرتنا، بدمائنا التي ترويها، فقد تنوّعت مفاهيم الغَزل السياسي أخيرا، وباتت الفصائل الفلسطينية تلعب على تناقضات الأيام والرهان على الوقت، من أجل مكاسب سياسية، تعتقد أنها تمكنها من أن تكون الطرف القوي.
لقد تنوعت أنواع الغَزل السياسي بين التيارات الفلسطينية، خصوصا بين قطبي الانقسام، حركة فتح ونقيضها السياسي حركة حماس، وبدأت موجات الغَزل تُقاس تردداتها، بقدره الطرف الآخر على الصمود حتى الرمق الأخير، وكان ذلك واضحاً بعد توقيع اتفاق القاهرة في اكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ودخلنا في فوضى جديدة أطلق عليها فيما بعد مصطلح "التمكين"، وتغازل الطرفان في مقدرة كل منهما على إدارة ملف التمكين وصفاته وأهدافه، حسب أفكار كل طرف ومكتستباته، بغض النظر عن الخاسر الأخير من إضاعة ذلك الوقت.
وبين التمكين وعدمه، جاء ترامب، وأعلن أنّ القدس عاصمة لإسرائيل، ودخلنا في فوضى جديدة. تغيّرت وقتها أولويات السلك الدبلوماسي للقيادة الفلسطينية، وأصبح العراك مع أميركا أهم من تطبيق بنود المصالحة وتنفيذها، ودخلنا نفقاً مظلماً جديداً، تجسّد في محاولة تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله، وما تبعه من أحداث دراماتيكية، وصولاً إلى حدّ القطيعة بين حركتي فتح وحماس، وغياب الدور المصري عن الساحة الفلسطينية، حتى بات واضحا للجميع أننا نعود إلى المربع الأول: الانقسام سيد الموقف.
أخيراً، اقتربت الجماهير الفلسطينية الغاضبة من السلك الشائك بأعداد كبيرة نتيجة الدعوات إلى انطلاق مسيرات العودة الكبرى على الحدود الشرقية لقطاع غزة، كان واضحاً أنّه سوف يسقط الشهداء والجرحى.
أصبح الصراع اليوم قوياً وعنيفاً، تريد السلطة الفلسطينية أن تستلم قطاع غزة رزمة واحدة، من دون قيد أو شرط، وترغب بترحيل ملف المصالحة الفلسطينية ليكون على أجندة اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية في الرياض، وتريد الضغط أكثر على حركة حماس وبشكل قوي من أجل أن تتخلى عن حكم قطاع غزة.
أما حركة حماس فترى أنّ المسيرات الجماهيرية التي خرجت إلى الحدود مؤشر إيجابي على اسقاط صفقة القرن وعدم تمريرها، وترى أنّ تلك الجماهير قد يئست من سنوات الحصار الذي تفرضه إسرائيل على سكان القطاع.
تعدّدت الأهداف والمبررات، لكن النتيجة واحدة وحتمية، أنّ هناك مليوني إنسان ينتظرون فك الحصار والفرج، ولا يأبهون للغزل السياسي، سواء أكان، عفيفا أم صريحا، بين أركان الفصائل الفلسطينية المتناحرة.
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
8981FDE1-0454-4CBC-894E-2351C53A26E0
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)
أشرف أبوخصيوان (فلسطين)