الوجهة الأخيرة

الوجهة الأخيرة

11 ابريل 2018
+ الخط -
اليوم يوم زفافنا، لا يسعني التفكير بشيء سوى أني"أحبكِ"، كلّ ما أردته يوماً في حياتي يجلس بقربي الآن.
خرافية البهاء أنتِ، كأميرات أساطير ذاك الزمان، أطفأنا العالم لدقائق ورقصنا رقصتنا الأولى، لم أكن أريد التورط بشيء عادي، فأنا لا تغريني الأشياء البسيطة المألوفة.
قضيت عمري أبحث عن لون جديد، عن لغةٍ لم تعرفها قبائل ولا شعوب، عن نغمة استثنائية لم نسمع مثلها من قبل، أبحث عنكِ، عن امرأة لن تتكرر.
اليوم شجارنا الأول، أيُعقلُ أن أحبكِ أكثر؟ كنت أظن بأن ذلك مستحيل، حسناً كسرت القاعدة وفعلت، فمهما بلغ الخلاف بيننا، يبقى الحب أكبر.
اليوم أصبحت أباً، جميلةٌ هي، فقد ورثت عينيكِ، كالمشاعر التي لا يمكن وصفها ولا تفسيرها، كحب الوطن، كجمال الشتاء ورائحة الأرض النديّة وصوت المطر، كالإبتسامة الأولى التي ارتسمت على وجهِها، أحببتُها وأحببتكِ أكثر.
اليوم نحتفل بميلاد أول خصلةٍ بيضاء زيّنت شعركِ، وأنارت عليّ بعضاً من عتمتي. أحبكِ كما كنتِ، كما أنتِ، بتجاعيد وجهك التي انطوت بداخلها ألف حكاية وألف ذكرى، أحب ملمس يديكِ الذي وإن تبدّل ما تبدّل، أحب تفاصيل الزمن وخرائط الماضي المرسومة في عينيكِ والمستقبل، أحبكِ أكثر.
في هذه اللحظة، سمعنا صفير القطار، وصوت يقول "أعزائي الركاب، لقد وصلنا إلى وجهتنا الأخيرة". لا أعرف من أنتِ ولا حتى اسمك. جلّ ما أعرفه أني مضيت بعيداً في مخيلتي كدربٍ بغير انتهاء، وأني عبرت معكِ جميع فصول حياتي في رحلة من أربع ساعات، فأي عاشقٍ لم يحب من النظرة الأولى؟ وكيف لنا أن نعود غرباء ولا شيء أكثر؟
97F04EB9-163B-49E5-9E30-499877532878
97F04EB9-163B-49E5-9E30-499877532878
ديما قميحة (لبنان)
ديما قميحة (لبنان)