معرض الكتاب أم سوق الحطب؟

معرض الكتاب أم سوق الحطب؟

02 ابريل 2018
+ الخط -
انتهى معرض الكتاب في الرياض في تسابق ملحوظ، من سيزوره؟ ومن سيشتري الأكثر؟، وعلى وشك أن ينتهي، أيضًا، معرض الكتاب في البحرين، إذ يمتلأ المعرض بالكتب وتتزاحم الأقدام ودور النشر في عرض كتبهم، إنه شيء مذهل وأنت ترى هذا الزخم البشري لاقتناء ما يريدون من الكتب في دول تنعم بالهدوء والرخاء.
أتذكر أنه قبل عشر سنوات، قبل ثورات الربيع العربي وقبل دخولنا في اليمن في زوبعة الحرب وجحيمها. كان يقام معرض للكتاب من كل عام في صنعاء، وكان يصادف وقت بدء العام الدراسي. لم أحظ ولو لمرة بزيارته، كنت أسمع أحاديث كثيرين عن زيارتهم له، وكنت أشعر بالمراراة والحزن لعدم إستطاعتي للذهاب. ما يحدث حاليًا أننا نحزن جميعًا في اليمن لأن هذا الأسى الفردي تحول إلى أسًى جماعي.
أخذت الحرب كثيرا من أرواحنا ومن أوقاتنا، في الوقت الذي تتعالى أصوات الناس في أحاديثهم عن الكتب، تتعالى أصوات اليمنيين أمام محطات الغاز، من سيسبق الأخر في تعبئة إسطوانة الغاز خاصته.
هل سيكون من الرفاهية أو السخف مثلًا إن طالبنا بمعرض للكتاب، في حين أن أكثر من مليوني طفل يمني لا يستطيعون الذهاب إلى المدارس وفق آخر إحصائية لمنظمة اليونسيف؟
يتقدّم العالم ألف خطوة إلى الإمام، بينما يتراجع اليمني مليون خطوة إلى الوراء، باحثًا عن طرق بدائية للعيش، عن الحطب مقابل الغاز، حيث تمتلأ الأسواق بالحطب وتمارس النساء التحطيب في وقت بدأ العالم فيه بتصنيع الروبوتات البشرية. يحدث هذا فقط من أجل محاولة البقاء على قيد الحياة. تتعب المرأة العربية عدّة مرات، وتتعب المرأة اليمنية ألف مرة في اليوم من أجل حياة أصبحت لا تطاق في ظل ظروف معيشية صعبة للغاية.
إذن، هل يجب على اليمني أن يتمنى ذهابه إلى معرض الكتاب أو أن يحظى براتبه الذي انقطع منذ أكثر من عام؟ أن تعود أسرته المشردة إلى البيت أو أن يرافق صديقه إلى معرض الكتاب؟ أن تعود الحكومة الشرعية إلى اليمن لمزاولة مهامها باعتبارها صاحبة الولاية في دولة، أو الإختباء في فنادق الرياض وإصدار القرارات الرئاسية عن بُعد في وقت هو الأسوأ للمواطن اليمني؟
في مفارقة عجيبة بين أمنية معرض للكتاب أو سوق للحطب، ترى من سيغلب خيال معرض الكتاب أم واقع حزمة الحطب؟
559B0835-9340-4E8B-B286-62F582C7C98F
559B0835-9340-4E8B-B286-62F582C7C98F
إجلال البيل (اليمن)
إجلال البيل (اليمن)