ما بعد عفرين

ما بعد عفرين

22 مارس 2018
+ الخط -
تصادف يوم سيطرة الجيش التركي على مدينة عفرين السورية ذكرى انتصار الدولة العثمانية على الحلفاء في ملحمة جنق قلعة في 18/ 3/ 1915.
عاد صوتُ الدولة العثمانية يرنّ بالآذان، بعد صمت أكثر من قرن، فهذه العودة المَهيبة والقوية ضجت بها الكرة الأرضية من شرقها إلى غربها، إذ تداولت معظم الدول نبأ انتصارات الجيش التركي ضد وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها تركيا امتدادا لحزب العمال الكردستاني المتمرد في جنوب شرق تركيا، وذلك بعد حرب استمرت 58 يوما، لتتكلل بعدها بالسيطرة على مدينة عفرين، معقل ومركز قوات سورية الديمقراطية، الذراع العسكري لوحدات حماية الشعب في الشمال السوري.
هذا الانتصار لا يعني الدول الغربية بشيء، ولا يؤثر عليها اقتصاديًا ولا عسكريًا. ولكنها رسالة سياسية، تحمل في طياتها معاني كثيرة، فتلك الدول عارضت بشدّة هذه العملية العسكرية ضد الأكراد في شمال سورية، ومنها دول في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو الحلف الذي كانت تركيا عنصرا مهما فيه وفعالا عند مُحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في سورية والعراق، ما دفع تركيا إلى أن تتحمّل عِبء المعركة وحدها، ولا تكترث لتصريحات الدول الغربية التي هاجمت هذه العملية منذ البداية.
قد تبدو القضية بسيطة، لمن يقرأها بشكل سطحيّ، ولكنها معقدة بشكل كبير، إذا ما تعمقنا في حيثيات القضية، فإنها تُعتبر صفعة القرن من تركيا الغرب، بعد محاولاتهم دعم القوات الكردية في الانفصال وتقسيم سورية الذي كان حلم الانفصاليين الأكراد، بدعم غربي أميركي بريطاني على أرض الواقع، بمعداتٍ وعتاد وآليات، وحتى بُنى تحتية، ودعم لوجيستي كبير، لكنّ هذا الحُلم؛ تبدّد وصار رمادا تتقاذف ذراته الرياح.
وعلى صعيد مُتصل؛ يتساءل الشعب السوري في الشمال، عن مصيره ومستقبله بعد عفرين، وكيف ستكون الأوضاع في مناطق إدلب التي تشتعلُ بِلهبِ الفصائل من أجل السيطرة عليها؟ وهل ستكون من ضمن نتائج الانتصارات في عفرين؛ تسليم إدلب لسلطة مُعيّنة تُنهي الوضع المُتأجج فيها؟ أم سيكون للنظام، وحلفيه الروسي، رأيُ آخر على خريطة اللعبة السورية؟
لابد من التذكير بأنّ هذا الانتصار يُبشّر بانتعاشِ وعودة الدولة العثمانية التي أرعبت أوروبا والعالم قبل قرون مضت، وهذا ما يتخوّف منه أعداء تركيا بأن تعود وتتربع على الساحة الدولية، كما كانت في الماضي.
C485E53A-04C1-4639-A2DC-C400BB35D0B7
C485E53A-04C1-4639-A2DC-C400BB35D0B7
مصطفى طه باشا (سورية)
مصطفى طه باشا (سورية)