جدوى الإبداع البارد

جدوى الإبداع البارد

22 مارس 2018
+ الخط -
ثمّة سؤال بصدد الإبداع، يخطر في بالي، وأنا أحضر الندوات والمحاضرات والملتقيات، سؤال عن جدوى ما يصدر من هذا أو ذاك من إبداعات، وما علاقتها بالهموم السارية في جسم الإنسانية الحائرة في زمنٍ طغت فيه الأنانية إلى حد خطير، إذ صار الإنسان أتفه من ذبابة، فبين ثانية وثانية يقتل العشرات، ويشرّد المئات وينفى الآلاف، ألا يدعو هذا إلى التساؤل عن مدى تعقلنا في سياساتنا وأخلاقنا وإنسانيتنا المعتراة بتوحشٍ لا نظير له، حتى بين الحيوانات في الغابات والبحار والبرايا.
في وقتٍ تجد الإبداع غارقا في تجريديات لا علاقة لها بهذه النيران المشتعلة في كل مكان، أليس من شأن الأدب والإبداع، بصفة عامة، أن يساهم في تلطيف هذه الهمجية المستفحلة في كل مكان؟، أليس الإبداع دعوة إلى معاينة الأمن والجمال؟ أليس الإبداع منبرا ندعو، من خلاله، إلى استعادة الإنسانية الغارقة في بحار الأنانية والتعصب الأعمى؟
إننا في أمسّ الحاجة إلى إبداع ينبثق من قلب قضايانا المتشابكة، لخنق أنفاس الوحدة والتفاعل الإيجابي بيننا، فالإبداع المتعالي الذي يعيش خارج السرب الذي ينتمي إليه صاحبه لن يقدم ولن يؤخر، ولن يترك في نفوسنا ما يدل على وجوده أصلا، بل قد يساهم في الإلهاء عن حقيقة أزمات الإنسان.
أكثر إبداعاتنا بارد يحتاج إلى وقود الصدق في الإصلاح والتوعية والتهذيب، وإبداعاتنا أكثرها شكلي، ونزيدها انتشارا حين نتوجها بجوائز تؤشر على نجاعتها وتفوقها.
أكثر إبداعاتنا يعكس برودة مشاعرنا الإنسانية والأخلاقية، إذ صار أغلبنا لا يرحم الفقير، ولا يحترم المرأة، ولا يأبه بانحراف الصغار والكبار، فهل للإبداع جزيرته الخاصة، بعيدا عن الموطن التي تستنبته، وعن أصحابه الذين هم شهود على الويلات المتناسلة القاتلة لمعنى الإنسانية.
أيها المبدعون والمبدعات: ضمنوا إبداعاتكم دفء المشاعر الإنسانية، كي تستعيد جدواها ونجاعتها في التغيير نحو الأفضل.

لحسن ملواني
لحسن ملواني
لحسن ملواني
كاتب مغربي. يعبّر عن نفسه بالقول "الإبداع حياة".
لحسن ملواني