الرئيس الصيني: أنا مستعد

الرئيس الصيني: أنا مستعد

16 مارس 2018
+ الخط -
"أنا مستعد لملء الفراغ في القيادة العالمية الناجم عن تحول الولايات المتحدة الأميركية للداخل، أكثر من كونها قوة عالمية".
هذا ما قاله الرئيس الصيني، شي جين بينغ، معبّرا عن استعداد بلاده للزعامة الدولية وقيادة العالم، هذا الاستعداد الذي يتضح من خلال تعاظم الحضور الاقتصادي والسياسي للمارد الصيني على الساحة الدولية.
الأكيد والثابت في الأمر هو تلك الرغبة الجامحة لدى القيادة الصينية في انتزاع الريادة على النظام العالمي، في ظل النمو الاقتصادي الكبير الذي تشهده البلاد وفي ظل انكفاء الولايات المتحدة الأميركية على نفسها.
ولكن، هل تمتلك الصين بالفعل ما يؤهلها لتحقيق تلك الرغبة؟ وإلى أي مدى يمكن للاقتصاد الصيني مسايرة هذا الطموح؟ وما هي ردة فعل الإدارة الأميركية تجاه ذلك، على ضوء إقرار الإستراتيجية الأميركية بحجم الخطر الصيني؟
تزامن تصريح القيادة الصينية برغبتها في السيادة على النظام الدولي مع وجود إدارة أميركية غاضبة من السلوك الصيني على الخارطة الدولية، خاصة على مستوى البيت الأبيض، والتي تأمل من خلال انتهاجها سياسة انعزالية على مستوى سياستها الخارجية في إعادة بناء الذات الأميركية وبعثها من جديد كأعظم قوة عرفها التاريخ.
مؤكّدُ أن إبداء الصين لهذا الاستعداد لم ينبع من فراغ، وإنما جاء نتيجة معطيات داخلية، ومتغيرات جيوبوليتكية، إذ تعرف الصين طفرة اقتصادية نوعية بناتج محلي بلغ 80 تريليون يوان، وبمعدل نمو بلغ في الربع الأخير من سنة 2017 نحو6,7، ما مكنها من احتلال المرتبة الثانية على سلم ترتيب اقتصاديات العالم، متجاوزة بذلك الاقتصاد الياباني. بدأت فكرة الزعامة الدولية ورفض الهيمنة الأميركية في التبلور في فكر القيادة السياسية الصينية في السنوات القليلة الماضية، بل والدعوة إلى إعلان التحدي في وجه الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ما عبّر عنه العقيد الصيني، ليو منغفو، في كتابه "الحلم الصين"، إذ يقول "يجب على الصين احتلال مكانة الولايات المتحدة الأميركية لإنقاذ نفسها والعالم، وإلا ستصبح قوة مهمشة".
الإعلان عن هذا الطموح جاء أثناء انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي في يناير/ كانون الثاني 2018، لكن الاستعداد له كان منذ سنوات، ذلك أنّ التحول الحاصل في بنية النظام العالمي بسبب نهج الولايات المتحدة الأميركية للخيار العسكري في قضايا دولية عديدة، كتحرير الكويت سنة 1991 وغزو أفغانستان 2001 واجتياح العراق 2003، ولّد إحساساً بالاستياء لدى صانع القرار الصيني والروسي على حد سواء، ناهيك عن ما تعرضت له روسيا والصين في مناطق الحراك الاجتماعي العربي، خاصة في ليبيا، والذي جاء الرد عليه سريعا في الملف السوري، حيث جاء التدخل العسكري الروسي، وقامت الصين بدورها ولأول مرة بإرسال سفن حربية إلى السواحل السورية.
تعمل الصين على تحقيق رغبتها من خلال إعلانها عن حزمة من المشاريع الإقتصادية الضخمة، كمشروع طريق الحرير أو طريق واحد حزام واحد، وهي استراتيجية تنموية تشمل 65 بلداً تمثل 29% من الإنتاج العالمي، وتستهدف بالأساس الاستثمار في البنى التحتية، والتي ستربط القارة الأوروبية بالصين برا وبحراً، وهو الطريق الذي من المتوقع له أن يحدث تغيّراً في النظام الدولي، ويكرس مكانة الصين الدولية.
ولأجل ذلك، تم تأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية برأس مال قدره 100 مليار دولار. كما أنشأت الصين مع مجموعة "البريكس"، والتي تمثل مجتمعة 40% من سكان العالم، بنك التنمية الجديد برأسمال 100 مليار دولار، ومقره مدينة شنغهاي الصينية، والذي يراد له أن يحل محل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وبالتالي إعادة تشكيل الهيكل المالي العالمي، وقد تقدمت كل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا للإنضمام إليه، وفي الإطار نفسه، عقدت الصين حوارات استراتيجية مع التكتلات الإقليمية والقوى الصاعدة.
وعلى الصعيد العسكري وللغاية، تمتلك الصين أكبر جيش في العالم من حيث العدد، والأسرع نموا، إذ شهد في الفترة الأخيرة عمليات تحديث وتجهيز بأسلحة حديثة مع زيادة في الإنفاق العسكري تمخضت عن إنشاء وحدات عسكرية جديدة؛ كقوات الدعم الاستراتيجي والقوة الصاروخية، ضمن خطة الإصلاح العسكري التي دعا إليها الرئيس الصيني في يناير/ كانون الثاني 2016، والتي تروم إلى تغيير واسع في الإدارة العسكرية، ومنظومات القيادة في الجيش.
هكذا إذاً، تحثُ الصين الخطى لبلوغ الريادة العالمية تحت مظلة ما سمّي "الصعود السلمي"، فهل تنتقل الحرب الدولية التي تدور رحاها في سورية إلى مناطق أخرى قبل الاصطدام المباشر؟
0BAAD809-A5FD-4BAC-BD69-7DE2B92D0241
0BAAD809-A5FD-4BAC-BD69-7DE2B92D0241
محمد حيماد (المغرب)
محمد حيماد (المغرب)