تخفيض قيمة الجنيه..

تخفيض قيمة الجنيه..

17 فبراير 2018
+ الخط -
سمّها ما شئت، تعويم، تحرير سعر الصرف، تخفيض القيمة الخارجية للعملة الوطنية.. المهم الهدف والنتائج، حيث تعتبر مـن إجـراءات السلطات النقدية في إطار إصلاح الاختلالات في جوانب السياسة النقدية، وذلك على اعتبار أن تنفيذ سياسة تخفيض القيمة الخارجية للعملة الوطنية (وهذه التسمية أفضلها)، تؤدي إلى انخفاض أسعار الصادرات الوطنية مقيمة بالعملة الأجنبية، ما يؤدي إلى زيادة حجم الطلب الخارجي على الصادرات الوطنية، وتحقيق زيادة في حصيلة الاقتصاد الوطني من النقد الأجنبي نتيجة الزيادة في حجم الصادرات. كذلك تنعكس في صورة ارتفاع أسعار الـسلع المستوردة مقيمة بالعملة المحلية، ما يساهم في انخفاض حجم الطلب الكلي على الواردات، وبالتالي، تحقيق التوازن في ميزان المـدفوعات والميـزان التجـاري، لنصل إلى تحقيق الاستقرار في مستويات الأسعار المحلية، فبعد مرور عام (نوفمبر/ تشرين الثاني 2016)على اتخاذ تلك الخطوة في مصر، اتضح أنها لم تحقق الهدف المرجو منها، فحسب بيانات البنك المركزي المصري أخيرا، يمكن اكتشاف ذلك، والتي تبين أن حجم التبادل التجاري بين مصر ودول العالم خلال العام المالي 2016/ 2017، بلغ 57.1 مليار دولار واردات و21.6 مليار دولار صادرات، وعند مقارنتها بالعام المالي 2015/ 2016 منها 57.3 مليار دولار واردات و18.7 مليار دولار صادرات، يتضح أن الواردات انخفضت بمقدار200 مليون دولار فقط، بينما الصادرات حققت نموا قدره 2.9 مليار دولار فقط، وهو رقم ضعيف جدا للغاية، قياسا على الميزة السعرية التنافسية للمنتجات المصرية بعد تخفيض قيمة الجنيه لأكثر من 70%.
حسب المعطيات، وبغض النظر عن الواردات، كان يجب أن ترتفع الصادرات بنسبة تخفيض قيمة الجنيه، لتصل الى 32.5 مليار دولار على الأقل في العام المالي 2016/ 2017، ذلك العام الذي يعتبر اختبارا حقيقيا لتلك السياسة، فالصادرات المصرية لم تحقق الاستفادة المطلوبة من خطوة وقرار تخفيض قيمة الجنيه خلال نوفمبر 2016.
من ناحية أخرى، تمثل حصيلة الصادرات المصدر الرئيسي لسداد أقساط القروض وفوائدها، حيث أعلن البنك المركزي أن حجم الدين الخارجي لمصر وصل إلى 79 مليار دولار في نهاية يونيو 2017، حيث توصف مديونية البلد بأنها "معتدلة" إذا كانت نسبة رصيد المديونيـة الخارجيـة إلـى إجمالي الصادرات أقل من 200%، في حين توصف مديونية البلد بأنها "مرتفعة" إذا كان رصيد ديونه الخارجية تشكل ما بين 200 % و350% من إجمالي الصادرات، غير أنّ ارتفاع رصيد المديونية الخارجيـة عـن 350 % يصف مديونية البلد بأنها "متفاقمة"، فبقسمة ديون مصر الخارجية 79 مليار دولار على الصادرات المصرية 21.6 مليار دولار مضروب في 100 تكون المحصلة 365%، أي توصف مديونية مصر بأنها متفاقمة.
وحتى توصف المديونية الخارجية بأنها معتدلة، يجب ألا يكون حجم الصادرات المصرية أقل من 40 مليار دولار، وهذا لم يتحقق حتى الآن، نتيجة لعدم نجاح سياسة تخفـيض قيمـة العملة، حيث أن ارتفاع درجة مرونـة الطلـب الخـارجي علـى المنتجات الوطنية نتيجة انخفاض أسعارها مقارنة بالسلع المنافسة في السوق الدولية يساعد على زيادة الـصادرات، وبالتالي زيادة الحصيلة من النقد الأجنبي، غير أن انخفاض مرونة الطلب الخارجي على المنتجات الوطنية تعكس عدم فعالية سياسة تخفيض قيمة العملـة الوطنية، وذلك لانخفاض قدرتها التنافسية في السوق الدولية على الرغم من انخفاض أسعارها، إلا أن نجاح سياسة تخفيض القيمة الخارجية للعملة الوطنية في تحقيق زيادة في حصيلة الصادرات المصرية، يعتمد في الأساس على مجموعة من الشروط المهمة، تجاهلتها الحكومة المصرية ومنها: أن تتمتع الصناعة المحلية بدرجه كافية من المرونة، بحيث تتمكن مؤسسات الإنتاج المحلي مـن تحقيق زيادة في حجم إنتاجها لتلبية متطلبات الاستهلاك المحلي والوفاء بالطلـب الخـارجي.
أيضا، تجاهلت ثبات أسعار بيع السلع المنتجة محليا في السوق المحلية، كما أنه في حالة ارتفاع الأسعار في الـسوق المحليـة، فإن ذلك الارتفاع يجب أن يكون أقل من نسبة التخفيض في قيمة العملة الوطنية، حيث أن ارتفاع أسعار بيـع المنتجات في السوق المحلية بنسبة أكبر من نسبة التخفيض يلغي الأثر الناجم عن تخفيض القيمة الخارجية فـي زيادة حجم الصادرات. كذلك لم تعمل على ثبات تكاليف الإنتاج، حيث أدى ارتفاع تكاليف الإنتاج كالمواد الخـام أو أجـور العمالـة أو غيرها من نفقات الإنتاج إلى ارتفاع أسعار المنتجات، ما قلل من القدرة التنافسية للصادرات الوطنية في السوق العالمية.. كذلك، أن يكون المنتج مطابقا للمواصفات العالمية، أو مستوفيا شروط الدول المستوردة.
04962194-B326-404B-8E6A-BE9981B50615
04962194-B326-404B-8E6A-BE9981B50615
أحمد البهائي (مصر)
أحمد البهائي (مصر)