سيناء بين الإرهاب والخيانة

سيناء بين الإرهاب والخيانة

14 فبراير 2018
+ الخط -
كالمعتاد، أي حديث خلافا لما يقوله القطيع الإعلامي وبيانات المتحدث العسكري وتصريحات النظام الحاكم في مصر سيعقبه اتهام بالخيانة والعمالة وانعدام الوطنية ومطالبة بعضهم بسحب الجنسية...
هذا ما تعودناه من النظام وأذنابه طوال السنوات الأربع السابقة مع الادعاء إنّ هذا ليس وقت الحوار والنقاش (لا يأتي هذا الوقت أبدا!)، ولكنه وقت الاصطفاف صفا واحدا خلف القيادة السياسية وخير أجناد الأرض وحكومتنا الرشيدة وشرطتنا الحكيمة..
عرفنا ذلك كله وألفناه، فالتفكير غير مسموح به، والحوار جريمة يأثم فاعلها، واستخدام العقل ترف لا يحق لكثيرين، وأي رأي يكتبه كاتب أو يتحدث به مخالفا لما يقولون، مرفوض تماما..
المهم، بدأت حرب القوة الغاشمة (كما أعلن عبد الفتاح السيسي) في سيناء للقضاء على الإرهاب. وكما نعلم فتعبير القضاء على الارهاب تعبير فضفاض واسع، تم استخدامه منذ سبتمبر/ أيلول 2001، ويستغله كل نظام وفقا لرؤيته الخاصة وأجندته التي يحكم بها.
وعودة للحرب على الارهاب في سيناء، فقد بدأت بالعملية "نسر" في 2011 ثم "نسر2" في 2012، وبعد ذلك الحملة الموسعة للجيش والشرطة في 2013 ثم كانت "حق الشهيد" في فبراير/ شباط 2015 ثم "حق الشهيد 2"، والتي تم خلالها تدمير رفح وإنشاء منطقة آمنة وتدمير الأنفاق وتجفيف منابع الارهاب (كما أعلن المتحدث العسكري آنذاك)، وكان من أهدافها أيضا إعداد سيناء وتهيئة الظروف للتنمية الشاملة. وخلال ذلك، تم توجيه ضربتين جويتين لمعاقل الارهاب في ليبيا (هكذا أعلن المتحدث العسكري). وأخيرا بدأت حرب القوة الغاشمة: فهل هي أيضا من أجل إعداد سيناء للتنمية؟
يبدو أمام العقل سؤالان: هل نجحت العمليات السابقة في تحقيق أهدافها أم فشلت؟ وما هي علامات النجاح؟ أو أسباب الفشل؟ وهل تم الإعلان عن ذلك أم لا؟.. في ضوء الإجابة على السؤال السابق، ما هي النتائج المتوقعة للحرب الحالية؟ على الرغم من سهولة الإجابة ووضوحها، إلا أن بعضهم يرفضها ويخشى ذكرها.
وبعيدا عن ذلك، السؤال الأكثر أهمية: ما هو الهدف من العملية الحالية في سيناء؟ لا يوجد شخص يعلم يقينا الغرض مما يتم الآن، فبعضهم يؤكد ما تقوله البيانات الرسمية إنها حرب على الإرهاب، وآخرون يؤكدون أنها استعراض للقوة أمام تركيا وقطر وإيران. وهناك من يشككون في ذلك، ويؤكدون أن الهدف إخلاء سيناء تماما تمهيدا لصفقة القرن. ويبدو على البعد هدفا، أعتقد أنه أكثر أهمية من كل ما سبق، وهو إشغال الجيش (أسلحة وقادة وأفراد) بمهمة قتالية، تجهض أي محاولات أو احتمالات قد تبدو ضعيفةً لانقسام أو انشقاق، نتيجة ما حدث مع رئيس الأركان الأسبق، الفريق سامي عنان، والذي يجد تعاطفا كثيرا داخل صفوف الجيش الذي قضى فيه أكثر من 40 سنة من عمره.
قد لا يكون هذا هو السبب الوحيد، لكنه أحد أسباب ما يحدث في سيناء الآن.
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
795B9830-8541-444B-B4A4-35AB0D11D51C
محمد لطفي (مصر)
محمد لطفي (مصر)