ثورة فبراير والثورة المضادة

ثورة فبراير والثورة المضادة

13 فبراير 2018
+ الخط -
يطرح بعضهم من أصحاب النظام السابق والمخلوع في اليمن أنّ الثورة كانت سبباً للانقسام في المجتمع، وأنّ الوضع المتردي والتدهور الاقتصادي والانفلات الأمني تسبّبت به ثورة 11 فبراير، فما مدى صواب ما طرحه هؤلاء بعد سبع سنوات من عمر الثورة؟ وما الذي مثلته هذه الثورة في وعي المجتمع وهويته؟ وهل تتحمل الثورة نكوص الشركاء والمتسلقين وجحود العوام وحقد الثورة المضادة؟
في البدء، لم تكن ثورة فبراير حصيلة لتراكمات سلبيات النظام، بقدر ما كانت وعيا في المضمون الثقافي والحضاري الذي تشكل على أساسه المجتمع، هي ثورة تحرّر نحو القيم الإيجابية، ومن كل القيم السلبية التي أنتجها الاستبداد.
كانت عمليات تفتيت النسيج الاجتماعي وصناعة قوى اجتماعية نافذة، وسلطات نافذة في المحيط الاجتماعي، وضرب كل واحدة بالأخرى.. عمليات يقوم بها نظام المخلوع صالح، واستخدمها لإطالة فترة مكوثه في السلطة، واحدا من الدعائم التي كان يستند إليها للقيام بعملية التوريث.
عملت ثورة فبراير على ترميم النسيج الاجتماعي، وانصهرت في حشودها كل القوى الاجتماعية، بما فيها القبائل التي شتتها نظام صالح، فأنقذت النسيج الاجتماعي من عملية تفتيت محكمة، أدواتها السلطة والثروة، ووقودها أبناء القبائل لمزيد من الرقص على رؤوس الثعابين.
عانت ثورة فبراير من الذين سخرهم النظام وقودا للثورة المضادة من التضليل والتشويه، وبث الشائعات عبر ماكنة إعلامية مرئية ومسموعة ومقروءة، تشتغل ليل نهار طوال فترة السنوات الأولى للثورة وبعد سقوط رأس النظام.
ظلت عملية التضليل والتشوية أداة الثورة المضادة، من بث القيم السلبية إلى إلصاق الثورة بكيان قبلي أو سياسي، كمحاولة للحصول على أي غطاء سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي لعودة رأس النظام القديم، لكنها فشلت مجدّدا في الحصول على دعم أو إسناد شعبي، إذ ظلت ثورة فبراير تتمسك بالمدد الشعبي، وهذا يعد دليلا على مقدار التحول والوعي الذي أحدثته الثورة في كيان الشعب.
ظلت ثورة 11 فبراير تدور حول إحياء القيم كمضمون حضاري وأساس اجتماعي، باعتبارهما مستلزمات الهوية التي قوضها الاستبداد وأعادتها ثورة فبراير حية في نفوس الشعب وكيانه.
أصبح واضحا أن كل القوى التي حاولت الالتصاق بثورة فبراير تحت لافتة "حيا بهم" ومسمى "المنظمين للثورة"، ولم تتمثل قيم فبراير، قد وجدت نفسها على التقاء مع الثورة المضادة وتحالفت مع رأس هذه الثورة المضادة للانقلاب على النظام الجمهوري وثورة 26 سبتمبر الخالدة.
لم يكن الانقلابيون الحوثيون يهدفون من نصب خيامهم في ساحة التغيير سوى ممارسة التقية، فيما هم، في الوقت نفسه، يخوضون حربا ضد الدولة، وتفرّغوا لاحتلال ألوية الجيش ومعسكراته في صعدة، وحاولوا التمدّد نحو الجوف.
لم يكن الحوثيون يوما حاملين لهوية الثورة ومشروعها، بل كانوا يحملون مشروعا إماميا سلاليا طائفياً، بدايته الانقلاب على النظام الجمهوري بدعم وإسناد من إيران والمخلوع صالح، فلفظتهم ثورة فبراير في أولى محطاتها.
في ذكراها السابعة، يقف أبناء ثورة 11 فبراير مقاومين في وجه الانقلاب الحوثي، يعيدون من جديد تفعيل الانتماء العام، يجددون المضمون الثقافي والأساس الاجتماعي للقضية الوطنية، وحشدها في مواجهة المشروع الانقلابي الإمامي على مكتسبات سبتمبر وفبراير، باعتبار أن معركة الثورة ليست معركة سياسية فحسب، بل معركة اجتماعية وثقافية، وهي في الحال معركة عسكرية تتحرّر فيها اليمن من الجراثيم التي اغتالته.
من المنطقي اليوم في الذكرى السابعة لثورة 11 فبراير التذكير بأن الثورة التي مضت في إسقاط رأس النظام في 2011 ستسقط رأس الصنم الإمامي في مران، وستغير البيئة الثقافية والاجتماعية التي نمى فيها هذا الصنم وجماعته.
فبراير ثورة إحيائية مستمرة، تتخلص من البيئة التي صنعت الاستبداد وحمته، سواء كان هذا الاستبداد في القصر أو الكهف أو المدارس أو الجامعات، هي ثورة المجتمع الحر الحامل للقيم الإيجابية.
1625522F-1E7D-48D4-81B7-34B05DAF0181
1625522F-1E7D-48D4-81B7-34B05DAF0181
أحمد الضحياني (اليمن)
أحمد الضحياني (اليمن)