المقاومة في الأمم المتحدة

المقاومة في الأمم المتحدة

10 ديسمبر 2018
+ الخط -
وسط ترقب مخيف، حصل مشروع القرار الأميركي لإدانة حركة حماس على تأييد 87 دولة ومعارضة 58 دولة وامتناع 32 عن التصويت، بينما تبنت الجمعية العامة مشروع القرار الإيرلندي بأغلبية ساحقة، حيث أيدته 156 دولة وعارضته 6 دول وامتنعت 12 دولة عن التصويت. 
يصف بعضهم نتيجة التصويت بأنه فشل الولايات المتحدة بفرض مشروع قرارها الذي يدين المقاومة المسلحة المشروعة في فلسطين، وأن الضمير العالمي، أسقط المشروع الأميركي، ليس ضد حركة حماس والمقاومة فحسب، بل ووقف مع حق الشعب الفلسطيني في الحرية والانعتاق، وأنه إنجاز مهم للغاية للشعب الفلسطيني بمكوناته كافة.
فيما يرى آخرون، أن ما حدث أمرٌ خطيرٌ، وسابقةٌ مقلقة، وتطورٌ سلبي لافت في مسار القضية الفلسطينية وعلاقات أطرافها الدولية، لأن نتيجة التصويت يعني تراجع المجتمع الدولي وتخليه عن القضية الفلسطينية، وانحيازه إلى الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني، وهذه إشارة سلبية للمشاريع المستقبلية.
ويرى هؤلاء أن العدو نجح في كسب مزيد من المؤيدين لتوجهاته، واستطاع سحب دول اعتادت على تأييد القضية الفلسطينية، والوقوف إلى جانب شعبنا وتأييده في نضاله وحقه المشروع في أرضه ووطنه ودولته المستقلة.
كما نجح العدو في تحييد دول أخرى، وأجبرتها على الصمت والسكوت. وفي الحالتين، فإن الإدارة الأميركية قد حققت كسباً، في وقت سجلنا فيه نحن هزيمةً وتراجعاً على المستوى الدولي. بينما الحقيقة أنّ الحرب مع العدو ضروس على كل الجبهات، فإنجازات المقاومة في الميدان بحاجة إلى جبهة دبلوماسية لجني الثمار، فضلا عن المنافحة عنها في المحافل الدولية.
إلا أنّ رب ضارة نافعة، حيث تدق هذه النتيجة غير المرضية أجراس الصحوة، لتدفعنا إلى وضع خطط تتناسب والمزاج الدولي، للحيلولة دون تبدل التوجهات السياسية للأنظمة الدولية الحاكمة تجاه تأييد القضية الفلسطينية، ومنعها من مسايرة الإدارة الأميركية والمشي في ركابها، فمئات الرسائل التي كتبها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إلى رؤساء وقادة عديدين في العالم، والاتصالات التي أجراها للتأكيد على نأي "حماس" والمقاومة عن الإرهاب، لا تغني عن العبر التي يجب استخلاصها من هذه الواقعة الخطيرة:
أولا: الهم الوطني قادر على توحيد شعبنا في خندق واحد لمواجهة التحديات، فالفصائل والسلطة توحدت في خندق واحد، والجميع بذل جهودا جبارة لتحشيد التصويت إلى جانب حق شعبنا في المقاومة، الأمر الذي يستدعي إقرار برامج عمل لتوحيد الجهود الرسمية والفصائلية في المحافل الدولية.
ثانيا: حجم الأصوات الكبير المؤيد للقرار لا يتناسب وحجم التعاطف الذي تحظى به القضية الفلسطينية، والتي يعبّر عنها حجم حملات المقاطعة في العالم من الروابط والمؤسسات والنقابات واتحادات الطلاب، وحتى البرلمانات وغيرها، الأمر الذي يوجب تحرك منظم لتوظيف التعاطف المتنامي مع فلسطين، ليعكس نفسه في القرارات الدولية.
ثالثا: بات مطلوبا تنظيم محافل مختلفة منبثقة عن قوى المقاومة لجولات منظمة ورفيعة لتلك الدول التي امتنعت عن التصويت، وكذلك لتلك الدول التي أيدت القرار، لمزيد من تسويق القضية بشكل أعمق وأفضل، ولضمان أصواتها في جولات قادمة.
رابعا: صحيح أن التصويت كان على إدانة المقاومة، لكنه أعطى، في الوقت نفسه، المقاومة مزيد من الشرعية الدولية؛ ومنحها نفسا جديدا للمطالبة بإقامة الدولة التي نصت عليها القرارات الدولية بالأصوات نفسها التي أيدت القرار ضد المقاومة.
رابعا: وعملا بقاعدة خير وسيلة للدفاع الهجوم، ينصح بعضهم بالعمل على رفع قضايا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لتنفيذ قرار التقسيم بهدف خلط الأوراق الدولية أمام العدو.
سادسا: وكذلك العمل على التواصل مع جميع الدول التي صوتت على القرار الإيرلندي لاستكمال ضرب العلاقات الدولية للاحتلال. فضلا عن بناء قوى المقاومة لمنظومة متكاملة من العلاقات الدولية للتأثير على قرارات الأمم المتحدة لدعم القضية الفلسطينية مستقبلا.
سابعا: أثبت التصويت أن الدعاية والإعلان التي يمارسها العدو أثمر، ما يوجب على الفلسطينيين بذل مزيد من الجهود في هذا المضمار لجهة ترويج ثقافة سياسية جديدة، فيما يخص الملف الفلسطيني، والتي من مفرداتها توجيه دعوات لكبار الإعلاميين في العالم واستضافتهم في الأراضي المحتلة لشرح القضية لهم بكل تفاصيلها بهدف استقطاب أقلامهم المؤثرة أسوة بمراسل قناة CNN الأميركية، مارك هيل، الذي فصلته بسبب دعوته إلى إعادة فلسطين لأهلها من البحر الى النهر.
كما يجدر برعاة الدبلوماسية الفلسطينية إعادة النظر في الوفود السياسية التي تجوب العالم، لشرح القضية لجهة ضم عدد من الضحايا وذويهم إلى هذه الوفود، لما لهم من قدرة على تجسيد المعاناة، عوضا عن شرحها.
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
عماد عفانة (فلسطين)
عماد عفانة (فلسطين)