محمد الباز والاتجاه نحو العكشنة

محمد الباز والاتجاه نحو العكشنة

06 ديسمبر 2018

(محمد الباز.. لماذا يدخل في حقل توفيق عكاشة؟

+ الخط -
لتوفيق عكاشة بط، وقناة تلفزيونية، وأم ثرية تمدّه بالأطيان، وله مودة مع الشيخ علي جمعة، تقيه من عثرات الزمن، بشهادة توفيق عكاشة نفسه، وعنده مزرعة خيولٍ لتحسين السلالات والبيع، وله سيماء من ظرفٍ ما، مثل ذلك الكامن في وجوه "الفالتين من أبناء القرى في الستينيات وما قبلها أيضا"، ومعه أيضا شهادة معاملة أطفال، والأهم من ذلك كله، بجواره السيدة ومفسرة أحلامه وأوهامه السيدة المصون، والزوجة فيما بعد، حياة الدرديري، فالرجل مصروفٌ له من وسع، فماذا يتملك الدكتور محمد الباز، الأكاديمي والإعلامي الرزين، كي يدخل في حقل توفيق عكاشة، وينافسه في زراعة البطيخ وشراء زبل الحمام؟ كي يدّعي بكل جرأةٍ يحسدُه عليها كل رجال المخابرات في العالم، حينما يقول إن أحداث فرنسا أخيرا من تدبير جماعة الإخوان المسلمين، والكل يعرف، حتى بط توفيق عكاشة وكتاكيته، أن الحركة معلنة ومعروفة، أنها حركة عمال النقل في باريس، وليس فيها، لا محمد البلتاجي، ولا المرشد، ولا حسن البنا، فمن أي مكانٍ اشترى هذا الخلوق والأكاديمي والمهذب تلك "الحباية القاتلة"؟ أو من أي جهةٍ وصلت إليه، وهو الطالب الجاد والمتفوق في دراسته؟ هل هي مداعبة الجماهير بعدما انسحبت الأضواء عن عكاشة، وعجّزت أساليبه؟ أم هي "هرتلة وخلاص" كالسابقة التي أعلن فيها على الهواء مباشرة بقتل كل المعارضين الإعلاميين في تركيا، مثل محمد ناصر ومعتز وغيرهما.
ألا يعرف محمد الباز، وهو المتبحّر في الدين، والحافظ للقرآن، وابن الناس الطيبين من قرى دمياط، أن القتل حرام، والتحريض عليه مباشرة مشروع ضغينة، كان يجب أن يتركه للسفلة من غير الحاصلين على منصب أكاديمي في جامعةٍ عريقةٍ كجامعة القاهرة، فماذا ستقول الأميرة فاطمة، حينما تعرف أن دكتورا في كليات جامعتها التي موّلتها بمجوهراتها يحرّض الناس على القتل؟ فهل فلوس رجال الأعمال وجماهيرية البرنامج مساءً تُنسي حفظة القرآن حرمة الدماء، حرمتها حتى على المخالفين في الدين، فما بالك والمخالف من بين المسلمين؟ هل هناك شخصٌ آخر غير شخص محمد الباز تلبّس جسده خلال السنتين الأخيرتين فقط، وباقي السنوات نتركها للمجلس البلدي والمؤرخين، فجعلته "يهرتل ويتعكشن" بإصرار منقطع النظير، مع أنه قد حصل على الدكتوراه، ومن الجامعة نفسها التي كان فيها طه حسين وجابر عصفور وغيرهما، ولم يحرّضا أبدا على القتل، اللهم إلا مقولة جابر عصفور الشهيرة: "نعم، قد نضطر في الأيام المقبلة إلى المكارثية". وللمكارثية بالطبع تقنية تختلف اختلافا شاسعا عن العكشنة أو التحريض المباشر على القتل للإعلاميين في العواصم، والتي فيما بعد ظهرت بشائرها، بعد دعوة الباز بشهر، في مقتل جمال خاشقجي، سبحان الله، فهل هذا هو ما يرضي طموح الباز، ونزعاته الجديدة كي يحافظ على جماهيرية برنامجه وكرسيه الأكاديمي في جامعة القاهرة؟ أم هناك غاياتٌ أخرى لا يفطن لها العبد الفقير؟
فهل يتفق الإعلامي والأكاديمي المهذب والوقور والقروي الطيب مع "مكارثية المنشار"، بعدما صارت هي الحد الفاصل ما بين الجد واللعب للأمراء المتعطشين للدماء وتقطيع الجثث بديلا عن الحجة والإقناع؟
صعبٌ أن أصدق ذلك، وخصوصا إذا كان هو الرجل الذي لبس اللباس الأكاديمي مرتين، في الماجستير، وفي الدكتوراه، وما زال يشغل كرسيا تعليميا في كلية الإعلام في جامعة القاهرة، الجامعة التي تبرعت في تأسيسها، بمجوهراتها وأفدنتها، الأميرة فاطمة إسماعيل، وهي من بنات الخديوي إسماعيل، لم تتمكّن من دخول الجامعة على أيامها لمنع الفتيات في هذا الوقت من الدخول، فإذا بأستاذ جامعي، ابن قرية بسيطة في دمياط، يستبدل العلم والمنطق والحجة والإقناع ويأخذ بالتحريض على قتل الخصوم مباشرة، ويعتبر مظاهرات باريس من "تحت راس الإخوان". هل كانت الأميرة فاطمة صاحبة فكرة جامعة القاهرة تدري أن مجوهراتها وأطيانها ستخرّج دكاترة من بين جدران جامعاتها يحرّضون على قتل الخصوم في سهولة ويسر. والله لو كانت تدري ذلك، لأودعت أموالها في ملاجئ الأيتام.
عد إلى عقلك، يا دكتور، ودعك من كتاكيت عكاشة وبطّه، فالرجل شهادته مضروبة، فلا تنافسه في الأوهام (والنخع) على الهواء مباشرة.