غزة.. من الإلهام الى القيادة

غزة.. من الإلهام الى القيادة

26 نوفمبر 2018
+ الخط -
أثار خبر وجود غرفة عمليات مشتركة لثلاثة عشر فصيلاً فلسطينياً، قادت الجولة الأخيرة مع العدو بكل عقلانية واقتدار، الارتياح في صدر كل فلسطيني وكل محب ومناصر للحق الفلسطيني في العالم، خصوصا وأن الجولة الأخيرة أبرزت علو كعب المقاومة على قادة العدو تخطيطا وتنفيذا لجهة حجم الخسائر المادية، والبعد النفسي والاستخباراتي للأهداف التي سجلتها المقاومة في مرمى العدو.
غني عن القول أن حالة الإجماع التي نجحت حركة حماس في قولبتها في قطاع غزة، عبرت عن نفسها في الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، والتي تمثل مختلف القوى والفصائل، وتقود منذ أشهر طويلة مسيرات العودة بكل تقدم ونجاح، الأمر الذي أسفر عن بداية تفكيك قضبان الحصار المطبق على قطاع غزة، في صورة الدعم القطري للرواتب وفتح المعابر لمزيد من البضائع وتوسيع مساحة الصيد البحري، انتظارا للممر البحري الذي تطالب به المقاومة نحو العالم.
كانت غزة بصمودها ومقاومتها الملهم لمختلف البقاع الفلسطينية بالانتفاضة والثورة والمقاومة، فمنها انطلقت الانتفاضة الأولى وثورة السكاكين والعمليات المفخخة، ومنها انطلقت أول قذيفة صاروخية من صنع محلي باتجاه مغتصبات العدو، ومنها قُصفت تل أبيب ومواقع العدو في حيفا ويافا والقدس.
وباتت غزة اليوم الأمل الوحيد للشعب الفلسطيني بعد تخلي منظمة التحرير عن مهمتها في النضال والتحرير لصالح السلام مع العدو والتنسيق الأمني المقدس، والنكوص عن نهج أبو عمار الذي قُتل محاصرا في المقاطعة في رام الله. وعوضا عن تحويل المقاطعة إلى عاصمة الثورة والنضال على نهج أبو عمار، تحولت إلى عاصمة للتنسيق الأمني المقدس مع العدو، ومنبرا لضرب وتفريغ وتفكيك كل المؤسسات الجامعة لشعبنا الفلسطيني ممثلة بمنظمة التحرير. وعليه، ربما بات على غزة الانتقال من مربع الإلهام إلى مقعد القيادة لشعبنا في مختلف الساحات، فالمقاومة في غزة بكل ما تملك من إمكانات ومقدرات ليست ملك غزة وحدها، بل ملك الكل الفلسطيني.
والبندقية والصاروخ والكورنيت التي تملكها المقاومة في غزة، لم تكن للدفاع عن غزة بل لتحرير الوطن، والوطن للجميع.
والتوحد في هيئات وهياكل مثل الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة أو الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة، قابلة للتطوير والارتقاء بها نحو إيجاد جسم توحيدي يعكس تمثيل مختلف الساحات والأطر وأطياف الشعب الفلسطيني، لتحقيق الهدف الأسمى لشعبنا في الحرية والتحرير، بعدما تاهت هذه المعاني السامية في زحمة الاتفاقات والمفاوضات.
ولتجسيد هذا المغزى البعيد للبندقية المقاتلة في غزة في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية في كل بقعة تتعرض لتغول العدو، ربما بات على الغرفة المشتركة التفكير في ممارسة أشكال أخرى للمقاومة تناسب كل ساحة فلسطينية ولكن بتوجيه وتنسيق الغرفة المشتركة التي عليها أن تشرف على توزيع الأدوار وتكاملها بما يحقق الأهداف المرجوة لشعبنا، ويردع العدو ويفشل مخططاته.
ربما بات على الغرفة المشتركة والحالة التوافقية التي عبرت عنها أيضا عبء إنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني الذي يعاني أزمة على مستوى القيادة، كما على مستوى المؤسسات التمثيلية، بعدما ضعفت وتقادمت واضمحلت أجهزتها ومجالسها ودوائرها، إضافة إلى رفع مستوى الإجماع على البرنامج الوطني والأولويات الوطنية في إدارة الصراع مع العدو الصهيوني، لجهة إقرار ميثاق وطني على قاعدة الثوابت، على خطى عز الدين القسام وعبد القادر الحسيني وأبو جهاد، بعدما ألغت منظمة التحرير ميثاقها بالتصفيق كرمال عيون بيل كلينتون.
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
عماد عفانة (فلسطين)
عماد عفانة (فلسطين)