القدس.. في قلب الكويت

القدس.. في قلب الكويت

22 نوفمبر 2018

فلسطين في معرض الكويت للكتاب

+ الخط -
ليس شعارا ولا كلماتٍ وحسب، بل واقع حقيقي يتجسّد كل يوم على صعيدي الشعب والقيادة في الكويت. ويكتسب أهميته في ظل واقع عربي جديد، أصبح يتعامل مع التطبيع العربي الإسرائيلي، وكأنه "الشر الذي لا بد منه" أحيانا، و"الخير الذي ينبغي حدوثه" أحيانا أخرى.
صور وأعلام وأناشيد وشعارات ومنحوتات ومجسّمات وكتب ومحاضرات.. كلها باسم فلسطين، احتلت المساحة الأبرز والأوسع دورة هذا العام من معرض الكويت الدولي للكتاب. وعلى الرغم من أن الشغف الكويتي العارم بكل ما يتعلق بفلسطين ليس جديدا، إلا أنه اتخذ هذه الأيام وسيلةً جديدةً، عنوانها الثقافة. وكانت فعاليات معرض الكتاب هي الأنسب لترجمة هذا الشغف في أكثر من عنوان، حظيت كلها بحضور كبير من الكويتيين والمقيمين على أرض الكويت من مختلف الجنسيات، حتى أن لوحة كبيرة جدا تواجه الداخل إلى قاعة دور النشر الكويتية الرئيسة في المعرض تحمل شعار؛ "لا سلام مع إسرائيل" على خلفية إلكترونية متحرّكة من صور النضالات الفلسطينية المستمرة في الأراضي المحتلة.
تحت شعار "القدس عاصمة أبدية لفلسطين"، يتجوّل رواد ثالث أقدم معرض عربي للكتاب، هذه الأيام، بين أروقة الكتب المختلفة، في ما يعتبر ردا عمليا ناجعا على محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني، والتي أطلت برأسها أخيرا على بعض العواصم الخليجية من البوابة الرياضية، ما جعل كثيرين يروْن أن الثقافة تصلح ما أفسدته الرياضة في بعض دول الخليج، في حين أن الكويت تصلح ما أفسدته عواصم خليجية على صعيد علاقة شعوب الخليج بالقضية الفلسطينية، ماضيا وحاضرا.
وعلى الرغم من أن فلسطين وقضيتها كانتا حاضرتَين دائما في قلب المشهد الثقافي الكويتي، إلا أن دورة هذا العام من معرض الكتاب زادت جرعة ذلك الحضور، بناء على توجيهات من أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد، والتي قضت بإشراك فلسطين في كل فعاليات الكويت الثقافية داخل البلاد وخارجها، للتوكيد على الدعم الكويتي الكبير والمستمر للقضية الفلسطينية.
ويلاحظ من يتجول بين أجنحة المعرض الذي يختتم فعالياته السبت المقبل أن العلم الفلسطيني يرفرف في كل مكان، كما أن نماذج مصغرة من قبة الصخرة تزيّن معظم مداخل المعرض ومخارجه، بالإضافة إلى صور ولوحات كبيرة معلقة هنا وهناك. وكان لافتا أن تلجأ بعض الأجنحة الكويتية إلى تخصيص مساحة لكتب الأطفال المتعلقة بفلسطين، بالإضافة إلى بعض الألعاب التقليدية والحديثة التي تتخذ من فلسطين مادة أساسية لها.
وإلى جانب دور النشر الفلسطينية التي شاركت في المعرض بقوة، وبتسهيلاتٍ كويتيةٍ كبيرة، وبكتب مهمة يتعلق معظمها بالصراع العربي الإسرائيلي وقضية فلسطين، حرصت دور نشر كويتية، أهلية ورسمية، على استعراض عناوينها المتعلقة بقضية العرب الأولى أمام أعين القرّاء أيضا. وحفل جدول الفعاليات الثقافية المصاحبة لأنشطة المعرض بندوات ومحاضرات عديدة تتعلق بالقضية أيضا، منها ندوةٌ حاضر فيها وزير الثقافة الفلسطيني، إيهاب بسيسو، عنوانها "المقاومة وتحديات الاحتلال"، أكد فيها على أن مفهوم المقاومة الثقافية يمثل استدامة الوعي في مواجهة احتلال غاشم، يحاصر التاريخ والجغرافيا والثقافة، وأن هذا الاحتلال يحاول وبقوة خلق أمر واقع على الأرض، يتمثل في عزل الشعب الفلسطيني بالجدار العازل والحصار المستمر على غزة والقدس، وهو يراهن بذلك على تفتيت الوعي بالقضية الفلسطينية والقدس.
وعلى الرغم من المحاولة المفاجئة التي قام بها الصحافي الصهيوني، بن تزيون، لتنغيص الأجواء بوجوده في المعرض، إثر دخوله البلاد بجواز سفر أميركي، إلا أن ما فعله لم يؤدِ إلا إلى تعزيز الوجود الفلسطيني، خصوصا بعد الغضب الواسع الذي أبداه الكويتيون تجاه محاولته تلك، ما جعل السلطات الكويتية تسارع إلى إبعاده عن البلاد على أول طائرة مغادرة.
CC19B886-294F-4B85-8006-BA02338302F0
سعدية مفرح

شاعرة وكاتبة وصحفية كويتية، من مجموعاتها الشعرية "ليل مشغول بالفتنة" و"مجرد امرأة مستلقية"، ولها مؤلفات نقدية وكتب للأطفال. فازت بعدة جوائز، وشاركت في مهرجانات ومؤتمرات عدة.