ماذا يتنظر العراقيون؟

ماذا يتنظر العراقيون؟

03 أكتوبر 2018
+ الخط -
على الرغم من مرور خمسة عشر عاماً على تشدّق السياسيين بالحرية والديمقراطية، ما زال العراقيون يأملون مخلّصاً لهم، علّه يخرجهم من مخاضهم العسير، ويعيد إليهم الحياة الآمنة، وإلى بلدهم الهيبة بعد سنوات عجاف ملأى بالآلام والكوارث والهوان.
من بين أبرز أسباب وصول العراق إلى ما وصل إليه أنّه اتضح أن لدى أقطاب العملية السياسية الحالية خلافاً مع الوطن وليس مع النظام السابق، وهذه مسألة لا ريب جد خطيرة، بحيث ألقت بظلالها على الواقع العراقي وبنيته المجتمعية، وبالتالي أفرز ذلك غياب مفهوم أو ثقافة الشراكة الوطنية عن تفكير الأحزاب الحاكمة، تحت ذرائع عدّة، لعل من أبرزها "المظلومية" التي أحرقت أخضر العراق قبل يابسه.
لكن مفهوم الشراكة بقي شعاراً متداولاً بين أقطاب العملية السياسية، في إطار عقد الصفقات والتسويات السياسية للاستهلاك الإعلامي، ليجد العراقيون أنفسهم أمام واقع مرير تغلب عليه ثقافة الهيمنة على السلطة وتوسعة النفوذ، والعمل على إقصاء الآخر وفق أجندات خارجية، لا تمت إلى جذور العراق المتأصلة بالقيم والتعايش السلمي بين مكوناته.
وعلى الرغم من غياب الأمن واتساع ظاهرة الجريمة المنظمة، وما سبّباه من ارتفاع في فاتورة الموت اليومي الذي لا يفرق بين العراقيين، وانعدام الحريات في ظلّ سطوة التنظيمات الإرهابية، مثل تنظيم داعش والمليشيات الموالية لإيران، وارتفاع نسبة الفقر، وتفشّي ظاهرة الفساد ونهب المال العام وتهريبه إلى الخارج، فضلا عن مخاطر تفكيك العراق إلى كيانات مذهبية وعرقية، فإن ذلك لم يدفع رجال العملية السياسية لإعادة التفكير بضرورة العمل تحت مفهوم الشراكة الحقيقية، في ظلّ رؤية جامعة ترفع من القواسم المشتركة، على العملين، الحزبي والمذهبي، وبالتالي تغليب المصلحة الوطنية العليا، فهل يحتاج سياسيو العراق إلى خمسة عشر عاماً إضافية، لتنضج لديهم ثقافة الشراكة الوطنية؟ أم أنّ العراقيين ينتظرون مخلصاً لهم وفق القاعدة الصلبة التي عاشوا عليها طَوال قرون، ليزيل عنهم هذه الغمة؟
ليس العراق حكراً على مكوّن أو طائفة بعينها، فالعراق وطن الجميع، ولا خلاص من الوضع الشاذ إلا بالاعتراف بأنّ السياسة الطائفية والحزبية المتبعة من جميع الكتل تضر بالعراق، بل تضرب صميمه، وهذا التضاد الشاذ الذي فُرض على الشعب العراقي .
العراقيون، وبجميع مشاربهم، وحدهم مَن يقرّرون مصيرهم، للخلاص من المستنقع الذي هم فيه، ولا قيمة لأي مزايدات أو محاولات مد خطوط التواصل من السياسيين الذين أوصلوا العراق إلى الدرك الأسفل، في محاولة يائسة لتزيين صورتهم وتحسينها تحت عناوين خدّاعة .
لذا أصبح مشروع الإنقاذ الوطني ضرورة لا مناص منها، وإلا فإن الوضع العراقي كالقنبلة الموقوتة، إن لم ينزع فتيلها فإن انفجارها لا يبقي ولا يذر، وسيكون الجميع إلى زوال في المستقبل المنظور.
B87A50A6-EB76-4C1C-BAEE-0DF0554A6A9A
B87A50A6-EB76-4C1C-BAEE-0DF0554A6A9A
عامر السامرائي (العراق)
عامر السامرائي (العراق)