إجراءات عباس المحتملة ضد غزة

إجراءات عباس المحتملة ضد غزة

19 أكتوبر 2018
+ الخط -
يعيش قطاع غزة حالة ترقب في ظل تهديدات متصاعدة، أطلقتها قيادات في حركة فتح والسلطة الفلسطينية في رام الله، بهدف تقويض الواقع الإنساني المتردّي في غزة، تهديدات تتوعد القطاع بمزيد من الإجراءات التي من شأنها أن تؤدي، حال اتخاذها، إلى انهيار تام في المنظومة الصحية والتعليمية والإغاثية، بما يدفع الأوضاع في غزة إلى انفجار مُحَقَّق.
ذروة التهديدات، أطلقها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، حين أعلن نيته التخلي عن مسؤولياته القانونية والإنسانية تجاه غزة، حال عدم تنفيذ حركة حماس اشتراطاته بتسليم السلاح وتمكين حكومة رامي الحمد لله بشكل تام في غزة، إذ عبّر عن ذلك بعبارته الشهيرة "سلطة شرعية واحدة وقانون واحد وسلاح شرعي واحد".
تكررت التهديدات ضد غزة على لسان مسؤول ملف المصالحة في حركة فتح، عزام الأحمد، الذي أشار في لقاء متلفز أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي إلى سعي حركته إلى تقويض حكم "حماس" في غزة، وكذلك تصريحات حسين الشيخ، القيادي في حركة فتح الذي هاجم الدور المصري في المصالحة الفلسطينية، ورفض الدور القطري الإنساني في تخفيف معاناة غزة، مطالبا القوى الفلسطينية بفرض عزلة سياسية على حركة حماس. وليس أخيرا التهديدات المثيرة للجدل التي أطلقها مستشار رئيس السلطة الفلسطينية للشؤون الدينية، محمود الهباش، إن تحرير غزة من "حماس" بات فريضة شرعية وضرورة وطنية.
واضح أن السلطة الفلسطينية لم تكتف بإجراءاتها السابقة تجاه غزة، والتي تمثلت في خصومات جاوزت الخمسين في المائة من رواتب موظفي السلطة في غزة، وإحالة ثمانية عشر ألفا منهم للتقاعد المبكر وتخفيض حصة غزة من الأدوية والمستلزمات الطبية.. وغيرها من الإجراءات التعسفية.
وعلى الرغم من النتائج الكارثية لإجراءات السلطة السابقة الذكر تجاه غزة، ما زال رئيس السلطة قادرا على اتخاذ مزيد من الإجراءات المحتملة، وهي: إعلان حل المجلس التشريعي الفلسطيني بهدف تقويض الشرعية السياسية لحركة حماس التي تسيطر على 76 مقعدا برلمانيا من أصل 132، هي مجموع مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني. إعلان قطاع غزة إقليما متمرداً، والطلب من جامعة الدول العربية والأمم المتحدة إعادته إلى السلطة الفلسطينية بالقوة المسلحة. الإعلان عن انتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة المحتلة والقدس واستثناء قطاع غزة الذي يشكل حاضنة للمقاومة الفلسطينية. حرمان خمسة وثمانين ألف أسرة فلسطينية، بمجموع يتجاوز النصف مليون مواطن، يعتاشون على المساعدات الإغاثية الدورية التي تقدمها وزارة التنمية الاجتماعية في غزة. منع إصدار جوازات سفر فلسطينية لأهالي غزة، وهذا الإجراء ستتضرّر منه شريحة واسعة من الطلاب والمرضى وأصحاب الإقامات خارج غزة.
حرمان غزة من توفير احتياجاتها من الوقود والغاز، إلا أن اتخاذ هذا الإجراء سيؤدي إلى حرمان خزينة السلطة من تحصيل ضرائب يومية تصل إلى مليون دولار. إيقاف جميع النفقات التشغيلية لمستشفيات ومدارس غزة بما يؤدي إلى انهيار حتمي للمنظومة التعليمية والصحية. الانسحاب من معابر غزة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال بغرض إيقاف عملية التصدير والاستيراد اليومي، وبالتالي إحداث انهيار اقتصادي محتوم. إصدار تعليمات مصرفية بإغلاق بنوك غزة، ومنع الحوالات المالية الواردة بما يؤدي إلى انهيار المنظومة المصرفية وحرمان غزة من السيولة النقدية. إحالة أحد عشر ألف موظف على رأس عملهم في غزة إلى التقاعد، بما يؤدي إلى انهيار العمل الحكومي، في ظل عدم قدرة المجتمع المدني في غزة على توفير البدائل.
سيحمل إقدام رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، على اتخاذ الإجراءات سابقة الذكر، نتائج كارثية تتمثل في انفصال سياسي حتمي بين غزة والضفة الغربية، وسيدفع غزة إلى الانفجار تجاه دولة الاحتلال، باعتبارها المستفيد الأول من انهيار غزة، بما يحمله هذا الخيار الإجباري من نتائج ميدانية قد تصل إلى عدوان إسرائيلي كبير على غزة وسقوط آلاف الشهداء، وهنا يبرز التساؤل الكبير: ما الذي ستستفيده قيادات حركة فتح والسلطة الفلسطينية من انفجار غزة المقبل؟
04D12ACA-2811-4B0A-BD88-6D7B4D4CEA74
04D12ACA-2811-4B0A-BD88-6D7B4D4CEA74
ماجد نمر الزبدة (فلسطين)
ماجد نمر الزبدة (فلسطين)