غزة وخيارات حماس

غزة وخيارات حماس

19 يناير 2018
+ الخط -
صرح الناطق باسم حركة حماس، سامي أبو زهري، سنة 2015، "إن استمرار الحصار على قطاع غزة سيدفع الحركة إلى القيام بأعمال قد توصف بـالمجنونة".
وبعد سنتين من الجفاف، يصبح هذا التصريح مجرّد تعبير مخفّف عما يعتمل منذ زمن في صدر "حماس"، قيادة وجندا، وهي ترى الحصار يطبق مخالبه المسمومة على رقاب أبناء شعبها. ولسان حال أهل غزة المخنوقة يقول "لو كان الحصار رجلا لقتلته"، لكن من حسن حظ غزة أن الحصار يتجسد هذه الأيام في رجال بلا قلب ولا ضمير، ولا ينتمون إلى عالم الإنسانية، مهما كانت مسمياتهم من عرب أو صهاينة، فكيف لا تقوم غزة بأعمال جنونية وضحايا الحصار من المرضى الذين لا يجدون الدواء بلغوا الآلاف؟ وكيف لا تقوم غزة بأعمال جنونية، وضحايا الحروب المتوالية على غزة من المهدمة بيوتهم مازالوا يسكنون الخيام في حر الصيف وبرد الشتاء؟ وكيف لا تقوم غزة بأعمال جنونية والأشقاء يخنقونها ويحاصرونها ويغلقون معابرها، فيما يعلن بعضهم تحالفا سريا ومعلنا مع العدو الصهيوني؟ وكيف لا تقوم غزة بأعمال جنونية وهي ترى رئيس السلطة، لا يفوت فرصة إلا ويحرض على غزة وشعبها ومقاومتها الباسلة في مختلف الميادين والمحافل؟
لكن السؤال هنا: ما المقصود بالأعمال المجنونة، وما هو شكل هذه الأعمال المجنونة التي قصدها أبو زهري، وما مكانها؟
هل يمكن أن تتوجه حماس جنوبا نحو الشقيقة مصر، راعية القومية العربية وأرض الكنانة وموئل خير أجناد الأرض؟ وهل هذا التوجه سيكون سياسيا من البوابة الدبلوماسية، لجهة تدخل القاهرة بما لها من وزن لإجبار السلطة على دفع الاستحقاقات المطلوبة وطنيا لإتمام اتفاق المصالحة؟ أم أن هذا التوجه نحو مصر سيكون من بوابة الانفجار الشعبي التي ما فتئت "حماس" وغيرها من قوى وفصائل وشخصيات دولية وازنة، وحتى قيادات في كيان العدو يحذرون منه صباح مساء، في ظل وضع لم يعد الوضع فيه يطاق؟ أم هل سيتمثل هذا الانفجار بفتح بوابات الحدود للدخول الشعبي إلى مصر، ليواجه النظام والجيش المصري سيلا بشريا هادرا مجوَعاً محاصراً ومخنوقاً لن يقوى النظام على مواجهته بالقوة والرصاص على مرأى العالم، إن لم يكن من منطلق إسلامي وعروبي، فمن منطلق إنساني بحت، تماما كما فعل حسني مبارك باحتواء الاجتياح الشعبي للحدود قبل بضع سنوات؟
أم يمكن أن تختار حماس هذه المرة التوجه شمالا لاجتياح شعبي الحدود المسكونة بالرصاص والموت الصهيوني ليواجه العدو الصهيوني خيارين، أحلاهما مر، إما أن يواجه هذا السيل البشري المدني والسلمي من شعب مجوع محاصر ومخنوق بالقوة المسلحة. وبالتالي يخسر ما بقي له من مكانة لدى الشعوب الغربية كشعب يهودي مظلوم، أو أن يعمل العدو الصهيوني على احتواء هذا الاجتياح الشعبي والسلمي للحدود أمام عدسات العالم، وأن يسمح له بالدخول والتوغل داخل الحدود، ولكن إلى خطوط ومسافات معينة، وأن يراهن العدو الصهيوني على حلول الظلام في إعادة هذا السيل البشري إلى مساكنه في غزة!
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
9197D8CA-12AD-4FAB-B5E0-F801DF74A0B9
عماد عفانة (فلسطين)
عماد عفانة (فلسطين)