اختاروا أحد الانتصارين

اختاروا أحد الانتصارين

07 سبتمبر 2017
+ الخط -
ادّعى قادة المليشيات المسلحة في العراق أنّهم قضوا عمرهم في الجهاد في الأهوار والمدن، يقاومون صدام حسين وجيشه، وتقاضوا وما زالوا يتقاضون أجرا ماديا عن خدمتهم الجهادية المزعومة، ثم جاء اليوم الذي يزكون فيه أموالهم، أو بالعربي "يحلّلوا خبزتهم" عبر استخدام هذه الخبرة الجهادية، حين احتلت "داعش" ثلث العراق، فشمّروا عن سواعدهم، وفرشوا خرائطهم، وتصدرت سيلفيات الخرائط المشهد الفيسبوكي، وعلا نجمهم خبراء استراتيجيين لايبارون، إذ اشتغلت مقاطع الفيديو بالتهديد والوعيد والغتر والكوفيات والملابس المرملة المتربة، وصفقنا وصدقنا وأنشدنا الأناشيد لهؤلاء الأشاوس ودهاة المعارك. لكننا فوجئنا اليوم بعد صفقة حزب الله/ داعش، بكلام مغاير واعترافات خطيرة، فهل ظنّوا أنّنا سننسى عنترياتهم؟ وهي قصص دهائهم واستراتيجياتهم التي قالوا إنّها ستدرس في الأكاديمية البريطانية! تفاجأنا بخطاب الزعيم اللبناني، حسن نصر الله، وهو يفصح عن سر بمرارة (اضطر إليها) كما قال هو ليبرّر إرسال 300 (مهزوزا ومنهارا) من "داعش" إلى الحدود العراقية. والسر، يا سادة ياكرام، أنّ أصحاب الخدمة الجهادية لم يكونوا صادقين معنا، وأموال الخدمة الجهادية التي أخذوها كانت ولا تزال حراما، فقد قال زعيم "المقاومة اللبنانية" أن الأبطال الكاريزميين (استغاثوا) به، وبأبطال مقاومته، لينقذ العراق من براثن "داعش"، بمعنى أنّ "الجماعة" بلغة أهلنا (هب بياض) صفر في القيادة العسكرية، وأنهم أبطال من ورق "أخضر".
حقيقة لم أعبّر عن رأيي، ولم أكتب وبقيت أنتظر وأنتظر لعلّي أجد أحد "تيجان الراس" يخفف عليّ من وطاة الصدمة، وأغلب المدافعين من القادة أنزلوا قصائدهم ومدائحهم وترهاتهم، وليس دفاعهم فحسب عن تلك الصفقة، وهم متفقون على أنّ: من لم يقاتل لا يعرف شيئاً، وليس له الحق بإبداء الرأي في تلك الصفقة.
"المقاومون الخبراء" وحدهم لهم الحق في تقييم الوضع! أنزلوا بياناتهم (بعد) بيان نصر الله، بمعنى أنهم سمعوا (كل) تبريراته بضمنها (استغاثتهم) به. أنا كعراقي لا تهمني قرارات نصر الله وتبريراته، ولست ضده شخصيا أو ضد مصلحة بلاده، بل علي أن أشكره، لا على صفقته تلك كما شكره أتباع الولي الفقيه في العراق، بل على هذه الحقيقة الصادمة.
كمعجب بحسن نصر الله، أود أن أطرح عليه هذا التساؤل: عام 2008، جرت عملية تبادل الأسرى بينكم وبين وإسرائيل، والتي أطلقت بموجبها سراح عميد الأسرى العرب، سمير القنطار، وثلاثة أسرى لحزب الله أُسروا خلال حرب تموز 2006، وإعادة رفات مئات من الشهداء الفلسطينيين واللبنانيين، إضافة إلى إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، مقابل جثتي جنديين إسرائيليين أُسرا في 12 يوليو/ تموز 2006 واعتبرت أنت، واعتبرنا معك أنّ ذلك انتصارا ما بعده انتصار، والآن بادلت "داعش" ببضعة جثث أيضا، لكنها تخصّكم هذه المرة، أو لنقل كما قلتم لا أكثر( 300 منهارا) ومهزوزا كما عبّرت وعبّر حلفاء إيران في العراق، وأيضا اعتبرتموه انتصارا، فإما أن تكون إسرائيل انتصرت عام 2006 أو أن تكونوا أنتم انتصرتم الآن، فعليكم يا سيد نصر الله اختيار أحد النصرين.
أتذكر في معركة امرلي التي كانت مفتاحا لتحرير المدن المحتلة كافة، أنّ الأهالي أخذوا يستغيثون وعتادهم ومؤونتهم تنفد فتوجهت إليهم سرايا السلام، ومعهم أمر من زعيمهم، مقتدى الصدر، أن يحرّروها بـ48 ساعة فقط، وحين وصلوا إلى مشارف امرلي، وجدوا "خلفات الحروب" من المستشارين الإيرانيين قد فرشوا خرائطهم، ويجتمع حولهم بعض قادة الفصائل وهم يهمون بوضع خطة ما لتحرير المدينة من دون جدوى، إلا أنّ سرايا السلام لم يتوقفوا عند تلك الخريطة، واستمروا بتربيع المنطقة بالهاونات والتقدم، فتفاجأ الجميع وسألوا المستشار الإيراني ماذا نفعل؟ فأطبق الخريطة، وقال لهم افعلوا كما يفعلون! وهكذا حرّرت امرلي عراقيا.
تذكرت طرفة: سألوا أحد خلفات البناء عن كيفية تعديل برج بيزا المائل، فقال لهم: يضيع باللبخ.
FF43A156-0901-4FD6-85A2-8CEBB3FC3007
FF43A156-0901-4FD6-85A2-8CEBB3FC3007
أسعد عبد الكريم (العراق)
أسعد عبد الكريم (العراق)